للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمَعْنَاهُمَا:

١ - دُعَاءُ العِبَادَةِ: وَهُوَ الدُّعَاءُ بِلِسَانِ الحَالِ، كَالصَّومِ وَالصَّلَاةِ وَغَيرِ ذَلِكَ مِنَ العِبَادَاتِ، وَسُمِّيَ دُعَاءً لِأَنَّهُ دَاعٍ بِلِسَانِ حَالِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ يُرِيدُ الجَنَّةَ وَالبُعْدَ عَنِ النَّارِ فَإِنَّهُ يُحَافِظُ عَلَى أَعْمَالِ الطَّاعَةِ للهِ؛ فَهُوَ دَاعٍ فِي الجُمْلَةِ.

وَكَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: {وَأَنَّ المَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا} [الجِنّ: ١٨]، وَهَذَا النَّوعُ لَا يَجُوزُ صَرْفُهُ لِغَيرِ اللهِ تَعَالَى، وَهُوَ المَقْصُودُ بِالحَدِيثِ هُنَا.

٢ - دُعَاءُ المَسْأَلَةِ: وَهُوَ الدُّعَاءُ بِلِسَانِ المَقَالِ، أَي: يَدْعُو سَائِلًا بِلِسَانِهِ، كَقَولِكَ: يَا غَفُورُ اغْفِرْ لِي.

وَالنَّوعَانِ مَجْمُوعَانِ فِي قَولِهِ تَعَالَى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأَعْرَاف: ٥٥ - ٥٦].

- قَولُهُ: «مَا دَعَوتَنِي وَرَجَوتَنِي»: الدُّعَاءُ هُنَا فِيهِ قَيدٌ هَامٌّ وَهُوَ قَولُهُ: (وَرَجَوتَنِي) فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا القَيدِ، أَي: أَنْ تَكُونَ دَاعِيًا للهِ رَاجِيًا إِجَابتَهُ، وَأَمَّا الدُّعَاءُ بِقَلْبٍ غَافِلٍ فَيَبْعُدُ جَوَابُهُ، كَمَا فِي الحَدِيثِ «اُدْعُوا اللهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ» (١).

فَإِنَّهُ " لَا بُدَّ مَعَ الدُّعَاءِ مِنْ رَجَاءٍ، وَأَمَّا القَلْبُ الغَافِلُ اللَّاهِيُ الَّذِي يَذْكُرُ الدُّعَاءَ عَلَى وَجْهِ العَادَةِ! فَلَيسَ حَرِيًّا بِالإِجَابَةِ، بِخِلَافِ الذِّكْرِ كَالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ فَهَذَا يُعْطَى أَجْرًا بِهِ، وَلَكِنَّهُ أَقَلُّ مِمَّا لَوِ اسْتَحْضَرَ وَذَكَرَ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ" (٢).


(١) صَحِيحٌ. التِّرْمِذِيُّ (٣٤٧٩) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (٥٩٤).
(٢) شَرْحُ الأَرْبَعِين لِابْنِ عُثَيمِين (ص: ٤٠٠).

<<  <   >  >>