للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهم عذاب أليم» ـ وذكر منهم ـ: « … ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها وفى وإن لم يعطه منها لم يفِ» (١)، فهو دائر مع الدنيا، وهذا واقع، فأكثر الناس إنما ينكرون على الولاة أمر الدنيا لا أمر الدين، فلا ينقمون تقصيرهم في حقوق الله، إنما نقمتهم الأثرة، ويطلبون منافستهم في الدنيا، ولهذا أوصى النبي أصحابه الأنصار فقال: (إنكم ستلقون بعدي أثرة؛ فاصبروا حتى تلقوني على الحوض). (٢)

وقوله : (أثرة): استبداد بالولايات وبالمال. وقوله : (فاصبروا) أي: لا تنازعوا ولاة الأمر من أجل ذلك.

وكثير ما يكون الخروج على الولاة من أجل المنازعة على السلطة باسم الإصلاح الدنيوي أيضا؛ فينتج عنه شر مستطير على الناس، فتسفك الدماء وتنتهك الحرمات، وتذهب الأموال، وينتشر الفساد، خصوصا إذا لم يكن هناك استقرار في الأمر فتعم الفوضى، ويتمكن كل مجرم من بلوغ مرامه، واقتراف إجرامه.

وقوله: (ولا ننزع يدا من طاعتهم).

لا ننزع يدا من طاعتهم؛ بل ندين لله بطاعتهم بالمعروف، عملا بأمر الله تعالى، ورسوله .

وقوله: (ونرى طاعتهم من طاعة الله ﷿ فريضة).

نرى طاعتهم بالمعروف واجبة؛ لأنها من طاعة الله؛ فَكُلُ مَن أمر الله بطاعته فطاعتهم من طاعته، فالرسول تجب طاعته مطلقا بلا قيد؛ لأن طاعته طاعة لله مطلقة، ومَن سواه ممن أمر الله بطاعته يطاع لكن بقيد، وهو ألا تكون في معصية، قال النبي : (إنما الطاعة في المعروف) (٣). فإذا الإنسان أطاع ولي الأمر بالمعروف إيمانا


(١) رواه البخاري (٧٢١٢)، ومسلم (١٠٨) من حديث أبي هريرة .
(٢) تقدم في ص ١٥٢.
(٣) تقدم في ص ٢٦٩.

<<  <   >  >>