أنزل منزلًا فوق فلان وسمى بعض الأكابر، ثم قال: وأنت كدت تلحق بنا ولكن أنت الآن في طبقة ابن خزيمة.
قال الشيخ العلامة ابن رجب الحنبلي في «طبقاته»: وكان ذا عبادة وتهجد وطول صلاة إلى الغاية القصوى، وتأله ولهج بالذكر وشغف بالمحبة والإنابة والافتقار إلى الله تعالى والانكسار له والاطراح بين يديه على عتبة عبوديته، لم أشهد مثله في ذلك ولا رأيت أوسع منه علمًا ولا أعرف بمعاني القرآن والسنة وحقائق الإيمان منه، وليس هو بالمعصوم، ولكن لم أر في معناه مثله.
وقد امتحن وأوذي مرات، وحبس مع شيخه في المرة الأخيرة بالقلعة منفردًا عنه، وكان مدة حبسه مشتغلًا بتلاوة القرآن بالتدبر والتفكر ففتح عليه من ذلك خير كثير، وحصل له جانب عظيم من الأذواق والمواجيد الصحيحة، وتسلط بسبب ذلك على الكلام في علوم أهل المعارف والدخول في غوامضهم، وتصانيفه ممتلئة بذلك.
وحجَّ مرات كثيرة، وجاور بمكة، وكان أهل مكة يذكرون عنه من شدة العبادة وكثرة الطواف أمرًا يتعجب منه. ولازمتُ مجالسه قبل موته أزيد من سنة، وسمعتُ عليه «قصيدته النونية» الطويلة في السنة وأشياء من تصانيفه وغيرها.
وأخذ عنه العلم خلق كثير في حياة شيخه وإلى أن مات وانتفعوا به، وكان الفضلاء يعظمونه ويتلمذون له كابن عبد الهادي وغيره.