للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كرهوا أن يطوفوا بينهما: يعني هذه الكراهية، يعني قد يستدل منها، أو يستنبط منها أن إساف على الصفا مثلاً، ونائلة على المروة أو العكس؛ لأن هذا المكان كان يطاف فيه لصنمين، يعني مثل ما تكره أن تأتي بكرتون كان مستعملاً لأمور محرمة -مثلاً كالدخان، كرتون الدخان- الآن أكثر ما يستعمل للكتب كراتين الدخان، نعم؛ لأنها على قياس الكتب، وهي متوفرة، يعني أعداد هائلة من الكراتين التي ترمى، وبدلاً من أن يذهب إلى المصنع ويصنع له كراتين بقدر الكتب هذه جاهزة، يعني بعض الناس يقول: بعد الدخان نحمل كتب العلم، قال الله وقال رسوله؟! هذا يوجد في النفس شيء، وإلا فالأصل أن هذه المادة كرتون طاهر ما فيه شيء، يعني مثلما يجد الإنسان من نفسه أن يضع المصحف مثلاً أو كتاب حديث على كرتون المناديل قبل استعمالها طاهرة، مثلاً افترض كرتون حفايظ مثلاً، الكرتون نظيف وما فيه نظيف، ما فيه إشكال، لكن تتقزز النفس عن مثل هذا، صح وإلا لا؟

نعم، الصحابة تأثموا أن يطوفوا في هذا المكان؛ وكان يطاف فيه لغير الله -جل وعلا- فأنزل الله -جل وعلا- الآية: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا}، نعم، يعني إذا خشينا من ضياع المال -الذي هو الكتب- ووجدنا كرتون كان للدخان، يعني ويسأل يقول: أضع فيه الكتب وكان فيه دخان؟، وأنت ترى أنه لو لم يضعه في هذا الظرف في هذا الحيز تلفت الكتب، وقد نهى عن إضاعة المال، تقول: لا حرج أن تضع الكتب في هذا الحيز -في هذا الكرتون- وقولك: لا حرج، هل يعني أن هذا مستوي الطرفين، إما أن يضيع المال أو تضعه في الكرتون؟

لا، ليس بمستوي، لا بد أن تضعه في الكرتون؛ لئلا يضيع المال، وإن تأثمت فالإثم مرتفع، كما فعل الصحابة.

فلما جاء الإسلام كرهوا أن يطوفوا بينهما للذي كانوا يصنعون في الجاهلية، قالت: "فأنزل الله -عز وجل-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ}: إلى آخرها، قالت: فطافوا": ارتفع الإثم -الجناح والحرج والإثم- الذي هو التأثم من الطواف في هذا المكان.

<<  <  ج: ص:  >  >>