وعرفنا أنه لا مقارنة بين هذه الآية وبين قوله في القصر:{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ} [(١٠١) سورة النساء] وعرفنا السبب، أننا في هذه الآية احتجنا إلى سبب النزول، كما احتجنا إلى سبب الورود في حديث صلاة القاعد، وإلا فالأصل أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا هشام بن عروة قال: أخبرني أبي قال: قلت لعائشة: "ما أرى عليَّ جناحاً أن لا أتطوف بين الصفا والمروة"، قالت: لمَ؟ قلت:"لأن الله -عز وجل- يقول:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ} الآية"، فقالت:"لو كان كما تقول لكان: فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، إنما أنزل هذا في أناس من الأنصار؛ كانوا إذا أهلوا أهلوا لمناة في الجاهلية فلا يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما قدموا مع النبي -عليه الصلاة والسلام- للحج ذكروا ذلك له، فأنزل الله تعالى هذه الآية، فلعمري": اللام موطئة لقسم محذوف، منهم من يقول للتأكيد، ولا مانع من استعمالها؛ وقد جاءت بها النصوص، استعملها الصحابة كثيراً.
فلعمري ما أتم الله حج من لم يطف بينهما: ومثل هذا الحديث، مع سعيه -عليه الصلاة والسلام- في جميع أنساكه، وقوله -عليه الصلاة والسلام- ((خذوا عني مناسككم)) يستدل الجمهور على أن السعي ركن من أركان الحج.
طالب:. . . . . . . . .
إذا قلنا: إنها موطئة لقسم محذوف يكون القسم والله.
حدثنا عمرو الناقد وابن أبي عمر جميعاً عن ابن عيينة قال ابن أبي عمر حدثنا سفيان قال: سمعت الزهري يحدث عن عروة بن الزبير قال: قلت لعائشة -زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما أرى على أحد لم يطف بين الصفا والمروة شيئاً، وما أبالي أن لا أطوف بينهما؟ "، قالت:"فبئس ما قلت يا ابن أختي": وفي بعض الروايات يا ابن أخي، وهو في الحقيقة ابن أختها أسماء، ويقولون لمثله: يا ابن أخي.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما يمنع أن تقول: يا ابن أخي؛ كما قال ورقة بن نوفل للنبي -عليه الصلاة والسلام- يا ابن أخي، وقالت عائشة له: يا عمِّ، يقولون هذا.