أهل البدع والنحل تكلم فيهم أهل العلم وحذروا منهم، لا لذواتهم وإنما خشية أن يتأثر الناس ببدعهم، ولذا تجد فرق كبير بين كلام شيخ الإسلام في البدعة وبين صاحب البدع مجرداً عنها -رحمه الله- وهذا من إنصافه، فإذا خشي من تعدي الضرر من هذا المبتدع على الأمة بحيث يقتدى به أو يقبل كلامه حينئذٍ حذِّر منه، لكن بقدر الحاجة، وأهل العلم لما تكلموا على حديث:((ليُّ الواجد ظلم يبيح عرضه وعقوبته)): يعني المطل، يماطل الدائن وهو غني قادر، يأتي يطلبه الدين ويقول غداً، بعد غدٍ، يوم الجمعة، الشهر الجاي وهكذا، هذا مماطل، يقول في الحديث الصحيح:((يبيح عرضه وعقوبته)): يعزر من قبل الحاكم، ويبيح عرضه من قبل الدائن، لكن ماذا يبيح من العرض؟ نص أهل العلم أنه لا يجوز له أن يقول أكثر من مطلني، ما يقول فرصة أنا أبيح لي عرضه أتولاه، لا لا، فأعراض المسلمين محفوظة، وعلى كل حال من يخشى شره يحذر منه بقدر الحاجة.
يقول: هل للحاج أن يضحي في بلده ويصوم أوائل أيام العشر قبل ذهابه إلى الحج؟
طالب:. . . . . . . . .
الشيخ:((لي الواجد ظلم يبيح ... )) أو ((مطل الغني)) الرواية الأخرى، ((لي الواجد ظلم يبيح عرضه وعقوبته)) هو في الصحيح.
هل للحاج أن يضحي في بلده ويصوم؟
له أن يضحي؛ فأحاديث الترغيب في التضحية مستقلة عن أحاديث الترغيب في الحج، لكن شيخ الإسلام يرى أن الجمع بين الهدي والأضحية في سنةٍ واحدة غير مشروع، ولا يوجد ما يمنع من أن يضحي الإنسان امتثالاً لما جاء في فضل الأضحية، ويحج امتثالاً لما جاء في فضل الحج، ويصوم أوائل العشر ما دام مقيماً أو مسافراً لا يشق عليه الصوم يصوم في هذه الأيام المباركة التي هي أفضل أيام العام على الإطلاق، ((ما من أيام العمل الصالح فيهن خيرٌ وأحب إلى الله من هذه الأيام العشر)) ومن الأعمال الصالحة الصيام، بل من أفضلها، فيصوم، ولم يستثنى من ذلك بالنسبة للحاج إلى يوم عرفة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أفطر في يوم عرفة على الملأ ورأوه، شرب وهم ينظرون، حتى قال جمعٌ من أهل العلم: إنه يأثم من صام، ومنهم كابن عمر وغيره من كان يصوم يوم عرفة بعرفة، لكن المرجح أنه لا يصوم ليتفرغ لعبادات هذا اليوم.