"فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، قالت: "يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً، لا يستطيع أن يثبت على الراحلة" فريضة الله على عباده، الحج فريضة، بل ركن من أركان الإسلام، لكن هل هي فريضة بالنسبة لهذا الرجل أو ليست فريضة؟ الرجل لا يستطيع الرجل بنفسه لا يستطيع، لكنه مستطيع بغيره، فهي فريضة عليه لاستطاعته بغيره، إما بماله أو بولده البار الذي يتبرع بالحج عنه، "إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً" حال كونه شيخاً كبيراً "لا يستطيع أن يثبت على الراحلة" هل مثل هذا يمكن أن يشد على الراحلة؟ يثبت بالشد، لكن هذا تكليف بما لا يطاق، يعني ما هو بمعنى أنه يشد بحزام الأمان، لا، حزام الأمان لا يجدي شيئاً بالنسبة للراحلة، إنما اللي يلزم منه أن يربط مثل تربيط العفش، وهذا يضره، يعني لو قلنا: بالشد ولا يثبت على الراحلة لازم يربط تربيط عفش، علشان ما يطيح، لكن حزام الأمان ما يكفي؛ لأن حزام الأمان فيه شيء من الحرية، ولا يتضرر به مستعمله، ولهذا الذي لا يثبت على الراحلة يسقط عنه الحج، وجوب الحج بنفسه، لكن إن كان مستطيعاً بماله أو بولده المتبرع لا تسقط عنه الفريضة، ولذلك قالت: "إن فريضة الله على عباده أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال:((نعم)) وذلك في حجة الوداع" قال: ((نعم)) ففيه دليلٌ على النيابة في الحج، وأنه يقبل النيابة، هذا الركن من أركان الإسلام يقبل النيابة، وفيه أيضاً جواز حج المرأة عن الرجل، خلافاً لمن منع ذلك؛ لأن المرأة يعتريها من النقص من الحج ما لا يعتري الرجل، فعلى هذا لا يصح حج المرأة عن الرجل عند بعضهم، والحديث دليلٌ صحيح صريح في الرد عليهم، فتحج المرأة عن الرجل والرجل عن المرأة.