((هذا جبل يحبنا ونحبه))، فلما أشرف على المدينة قال:((اللهم إني أحرم ما بين جبليها مثل ما حرم به إبراهيم مكة، اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم)): ما بين الجبلين: هذا سيأتي أنه ما بين عير إلى ثور، وينازع الشراح في هذا التحديد، وهل هو محفوظ أو وهم، وأن ثور بمكة وليس بالمدينة، وعير كذلك مختلف فيه، أما عير فثابت أنه في المدينة، وثور لا شك أن المشهور بمكة، لكن بالمدينة جبيل يقال له: ثور قريب من أحد؛ وكلما أمكن صيانة الرواة الحفاظ الثقات من الوهم تعين المصير إليه. ((اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم)).
وحدثناه سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد قالا: حدثنا يعقوب وهو ابن عبد الرحمن القاري عن عمرو بن أبي عمرو عن أنس بن مالك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثله، غير أنه قال:((إني أحرم ما بين لابتيها)): يعني عرفنا حدود حرم المدينة من الجهتين الشرقية والغربية ما بين اللابتين، ومن الشمال إلى الجنوب ما بين عير إلى ثور.
وحدثناه حامد بن عمر قال: حدثنا عبد الواحد قال: حدثنا عاصم قال: قلت لأنس بن مالك: أحرَّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة؟ قال: "نعم ما بين كذا إلى كذا، فمن أحدث فيها حدثاً، قال: ثم قال لي: ((هذه شديدة)): يعني هذه شديدة: ((فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)): يحدث حدثاً، وأعظم ما يحدث في الدين من البدع -نسأل الله السلامة والعافية- هل يمكن أن يحمل الحدث هذا على المعنى -الأمر المعنوي الذي يمنع من الصلاة؟
لا، لا يمكن، لا يمكن حمله على هذا.
إذن الحدث: ما يترتب عليه الإثم من عمل أو اعتقاد يخالف ما جاء عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام- مما لم يسبق له شرعية في الكتاب والسنة، يقال: محدث: ((كلّ محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)) -نسأل الله السلامة والعافية- ولذا جاء في الحديث:((إن الملائكة تستغفر لأحدكم ما دام في مصلاه، ما لم يحدث)): ما لم يؤذِ، والحدث هنا يحتمل هذا وهذا، نعم.