للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

((فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً)): فريضة ولا نفلاً، كما قال كثير من أهل العلم. ((لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً)): منهم من قال: الصرف الفريضة والعدل النافلة، وعكس بعضهم، ومنهم من قال: الصرف التوبة، والعدل الفدية.

قال: فقال ابن أنس: ((أو آوى محدثاً)): ابن أنس، في بعض النسخ فقال أنس، الحديث حديث .. ، من رواية أنس بن مالك، وجاءت من روايته أيضاً: ((أو آوى محدثاً))، والصواب .. ؟ لأن بعض النسخ الصحيحة الموثقة فقال أنس: ((أو آوى محدثاً))، والذي معنا -وهي أيضاً رواية ثابتة في صحيح مسلم- قال: فقال ابن أنس نعم، والحديث من روايته أيضاً، ابن أنس، يعني كأن أنساً غفل عن قوله: ((أو آوى محدثاً)) فذكَّره ابنه.

قال: حدثني زهير بن حرب قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا عاصم الأحول قال: سألت أنساً: أحرَّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة؟ قال: "نعم، هي حرام لا يختلى خلاها، فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين".

قال: حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس -فيما قرئ عليه- عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اللهم بارك لهم في مكيالهم، وبارك لهم في صاعهم، وبارك لهم في مدهم)).

قال: وحدثني زهير بن حرب وإبراهيم بن محمد السامي قالا: حدثنا وهب بن جرير قال: حدثنا أبي قال: سمعت يونس يحدث عن الزهري عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما بمكة من البركة)): ولا شك أن مثل هذه البركة تعود إلى أمور الدنيا، وهذا ظاهر، وقد تعود إلى أمور الآخرة، وقد يتيسر للإنسان من التعبد في المدينة أكثر مما يتيسر له من التعبد بمكة، والعالِم يتيسر له من التحديث والتأليف والتعليم ما لم يتيسر له بمكة، فالبركة ظاهرة في المدينة، وعلى كل حال مكة أفضل من المدينة -عند جماهير أهل العلم- وليس المقام مقام بسط الأدلة، فهي موجودة، وذكرها واستوعبها ابن عبد البر في التمهيد، ورجح رأي الجمهور، وخرج عن مذهبه في هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>