للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{سُبْحَانَهُ} وتعالى {عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، أي: تعالى وتقدس عن الشركاء والنظراء والأضداد، والأندا، {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} ،، ولا رب سواه.

ومراد المصنف رحمه الله بإيراد الآية هنا أن الطاعة في تحريم الحلال، وتحليل الحرام، من العبادة المنفية من غير الله تعالى، ولهذا فسرت العبادة بالطاعة، وفسر الإله بالمعبود المطاع، فمن أطاع مخلوقًا في ذلك فقد عبده، إذ معنى التوحيد، وشهادة أن لا إله إلا الله يقتضي إفراد الله بالطاعة، وإفراد الرسول بالمتابعة، فإن من أطاع الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أطاع الله، وهذا أعظم ما يبين التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله، لأنها تقتضي نفي الشرك في الطاعة، فما ظنك بشرك العبادة، كالدعاء والاستغاثة والتوبة وسؤال الشفاعة وغير ذلك من أنواع الشرك في العبادة، وسيأتي مزيد لهذا إن شاء الله تعالى في باب من أطاع العلماء والأمراء (= ٤٦٩) .

قال وقوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ... } ١.

ش: قال المصنف رحمه الله في مسائله: ومنها، أي: من الأمور المبينة لتفسير التوحيد، وشهادة أن لا إله إلا الله، آية البقرة في الكفار الذين قال الله فيهم: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} ٢. وذكر أنهم يحبون أندادهم كحب الله، فدل على أنهم يحبون الله حبًا عظيما، ولم يدخلهم في الإسلام، فكيف بمن أحب الند حبًا أكبر من حب الله؟! فكيف بمن لم يحب إلا الند وحده، ولم يحب الله؟! قلت: مراده أن معنى التوحيد، وشهادة أن لا إله إلا الله، هو إفراد الله بأصل الحب الذي يستلزم إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له، وعلى قدر التفاضل في هذا الأصل، وما ينبني عليه من الأعمال الصالحة يكون تفاضل الإيمان والجزاء عليه في الآخرة.

فمن أشرك بالله تعالى في ذلك، فهو المشرك، لهذه الآية، أخبر تعالى عن أهل


١ سورة البقرة آية: ١٦٥.
٢ سورة البقرة آية: ١٦٧.

<<  <   >  >>