للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الشرك أنهم يقولون لآلهتهم وهم في الجحيم: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} ١. ومعلوم أنهم ما ساووهم به في الخلق والرزق والملك، وإنما ساووهم به في المحبة والإلهية والتعظيم والطاعة. فمن قال لا إله إلا الله، وهو مشرك بالله في هذه المحبة، فما قالها حق القول وإن نطق بها، إذ هو قد خالفها بالعمل، كما قال المصنف. فكيف بمن أحب الند حبًا أكبر من حب الله؟! .وسيأتي الكلام على هذه الآية في بابها إن شاء الله تعالى (=٤٠١) .

[شرح حديث من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه]

قال في "الصحيح" عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه، وحسابه على الله" ٢.

ش: قوله في " الصحيح " أي: " صحيح مسلم" عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره. وأبو مالك اسمه سعد بن طارق كوفي ثقة مات في حدود الأربعين ومائة، وأبوه طارق بن أشيم ـ بالمعجمة والمثناة التحتية وزن أحمر ـ ابن مسعود الأشجعي صحابي له أحاديث. قال مسلم: لم يرو عنه غير ابنه.

قوله: "من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله" ٣. اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث علق عصمة المال والدم بأمرين: الأول: قول: لا إله إلا الله. الثاني: الكفر بما يعبد من دون الله، فلم يكتف باللفظ المجرد عن المعنى، بل لا بد من قولها والعمل بها

قال المصنف: وهذا من أعظم ما يبين معنى لا إله إلا الله، فإنه لم يجعل التلفظ بها عاصمًا للدم والمال، بل ولا معرفة معناها مع التلفظ بها، بل ولا الإقرار بذلك، بل ولا كونه لا يدعو إلا الله وحده لا شريك له، بل لا يحرم دمه وماله حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله، فإن شك أو تردد لم يحرم ماله ودمه، فيا لها من مسألة ما أجلها! ويا له من بيان ما أوضحه! وحجة ما أقطعها للمنازع!

قلت: وقد أجمع العلماء على معنى ذلك فلا بدّ في العصمة


١ سورة الشّعراء آية: ٩٧-٩٧.
٢ مسلم: الإيمان (٢٣) , وأحمد (٣/٤٧٢ ,٦/٣٩٤) .
٣ مسلم: الإيمان (٢٣) , وأحمد (٣/٤٧٢ ,٦/٣٩٤) .

<<  <   >  >>