علقه على الشرط كما ثبت ذلك في الصحيح، ولا يلزم من صدق الشرطية صدق كل واحد بمفردها، قالوا: والراوي غلط.
قلت: لا يصح تغليطه مع إمكان حمله على الصحة، ورواية تعليقه بالشرط لا تدل على نفي رواية الجزم.
وقالت طائفة أخرى: الشؤم بهذه الثلاثة إنما يلحق من تشاءم بها فيكون شؤمها عليه، ومن توكل على الله ولم يتشاءم ولم يتطير لم تكن مشئومة عليه، قالوا: ويدل عليه حديث أنس: "الطيرة على من تطير". وقد يجعل الله سبحانه تطير العبد وتشاؤمه سببًا لحلول المكروه، كما يجعل الثقة به والتوكل عليه، وإفراده بالخوف والرجاء من أعظم الأسباب التي يدفع بها الشر. وقال ابن القيم: إخباره صلى الله عليه وسلم بالشؤم في هذه الثلاثة، ليس فيه إثبات الطيرة التي نفاها الله وإنما غايته أن الله سبحانه قد يخلق أعيانًا منها مشئومة على من قاربها وسكنها، وأعيانًا مباركة لا يلحق من قاربها منها شؤم ولا شر. وهذا كما يعطي سبحانه الوالدين ولدًا مباركًا يريان الخير على وجهه، ويعطي غيرهما ولدًا مشئومًا يريان الشر على وجهه، وكذلك ما يعطاه العبد من ولاية أو غيرها. فكذلك الدار والمرأة والفرس. والله سبحانه خالق الخير والشر والسعود والنحوس فيخلق بعض هذه الأعيان سعودًا مباركة، ويقضي بسعادة من قاربها وحصول اليمن والبركة له، ويخلق بعضها نحوسًا يتنحس بها من قاربها، وكل ذلك بقضائه وقدره كما خلق سائر الأسباب وربطها بمسبباتها المتضادة والمختلفة، كما خلق المسك وغيره من الأرواح الطيبة، ولذذ بها من قاربها من الناس، وخلق ضدها وجعلها سببًا لألم من قاربها من الناس، والفرق بين هذين النوعين مدرك بالحس فكذلك في الديار والنساء والخيل فهذا لون والطيرة الشركية لون. انتهى.
قلت: ولهذا يشرع لمن استفاد زوجة أو أمة أو دابة، أن يسأل الله من خيرها وخير ما جبلت عليه، ويستعيذ من شرها وشر ما جبلت عليه، وكذلك ينبغي لمن سكن دارًا أن يفعل ذلك