للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة" ١.

ش: هذا الأثر رواه الترمذي، والحاكم، وحسنه الترمذي وفي إسناده سعد بن سنان. قال الذهبي في موضع: سعد ليس حجة وفي آخر كأنه غير صحيح. وأخرجه الطبراني، والحاكم عن عبد الله بن مغفل، وأخرجه ابن عدي عن أبي هريرة، والطبراني عن عمار بن ياسر وحسنه السيوطي.

قوله: "إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا". قال شارح الجامع الصغير: أي: بصب البلاء والمصائب عليه جزاء لما فرط من الذنوب منه، فيخرج منها وليس عليه ذنب يوافي به يوم القيامة، كما يعلم من مقابله الآتي، ومن فعل ذلك به فقد أعظم اللطف به، لأن من حوسب بعمله عاجلاً في الدنيا خف جزاؤه عليه حتى يكفر بالشوكة يشاكها، حتى بالقلم يسقط من الكاتب، فيكفر عن المؤمن بكل ما يلحقه في دنياه حتى يموت على طهارة من دنسه.

قلت: وفي الصحيح: "لا يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة" ٢. وفي المسند وغيره من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في جسده وماله وفي ولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة" ٣.

قال شيخ الإسلام: المصائب نعمة، لأنها مكفرات للذنوب، ولأنها تدعو إلى الصبر، فيثاب عليها، ولأنها تقتضي الإنابة إلى الله والذل له، والإعراض عن الخلق، إلى غير ذلك من المصالح العظيمة فنفس البلاء يكفر الله به الخطايا، ومعلوم أن هذا من أعظم النعم، ولو كان رجل من أفجر الناس فإنه لا بد أن يخفف الله عنه عذابه بمصائبه. فالمصائب رحمة ونعمة في حق عموم الخلق إلا أن يدخل صاحبها بسببها في معاصي أعظم مما كان قبل ذلك، فتكون


١ الترمذي: الزهد (٢٣٩٦) .
٢ الترمذي: الزهد (٢٣٩٨) , وابن ماجه: الفتن (٤٠٢٣) , وأحمد (١/١٧٢) , والدارمي: الرقاق (٢٧٨٣) .
٣ الترمذي: الزهد (٢٣٩٩) , وأحمد (٢/٢٨٧ ,٢/٤٥٠) .

<<  <   >  >>