للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتأييدهم وظفرهم بقدرتهم، فله عليهم النعمة التامة في هذا وهذا.

قوله: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ} ١. يعني أهل الإيمان واليقين والثبات والتوكل الصادق، وهم الجازمون بأن الله عزّ وجل سينصر رسوله، وينجز له مأموله، ولهذا قال: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} ٢، يعني: لا يغشاهم النعاس من القلق: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} ٣، كما قال في الآية الأخرى: {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ} ٤. وهكذا هؤلاء اعتقدوا أن المشركين لما ظهروا تلك الساعة أنها الفاصلة وأن الإسلام قد باء وأهله.

قال ابن القيم: ظن الجاهلية: هو المنسوب إلى أهل الجهل وظن غير الحق، لأنه غير ما يليق بأسمائه الحسنى وصفاته العلا وذاته المبرأة من من كل عيب وسوء، أو خلاف ما يليق بحكمته وحمده وتفرده بالربوبية والإلهية، وما يليق بوعده الصادق الذي لا يخلفه. وقد ذكر المؤلف تفسير ابن القيم لهذه الآية، وهو أحسن ما قيل فيها وسيأتي ما يتعلق به إن شاء الله تعالى.

قوله: {يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ} ٥. هذا أيضًا من حكاية مقال المنافقين. والظاهر أن المعنى: إنا أخرجنا كرهًا، ولو كان الأمر إلينا ما خرجنا، كما أشار إليه ابن أبي بذلك، ولفظه استفهام، ومعناه النفي، أي: ما إن شيء من الأمر، أي: أمر الخروج، وقيل غير ذلك فرد الله عليهم بقوله: {إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} ٦، أي: ليس لكم من الأمر شيء ولا لغيركم، بل الأمر كله لله، فهو الذي إذا شاء فلا مرد له.

وقوله: {يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} ٧، تقدم الكلام عليها في باب ما جاء في ال "لو".

وقوله: {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ} ٨، أي: قدر الله هذه الهزيمة


١ سورة آل عمران آية: ١٥٤.
٢ سورة آل عمران آية: ١٥٤.
٣ سورة آل عمران آية: ١٥٤.
٤ سورة الفتح آية: ١٢.
٥ سورة آل عمران آية: ١٥٤.
٦ سورة آل عمران آية: ١٥٤.
٧ سورة آل عمران آية: ١٥٤.
٨ سورة آل عمران آية: ١٥٤.

<<  <   >  >>