للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقتل، ليختبر الله ما في صدوركم بأعمالكم، لأنه قد علمه غيبًا فيعلمه شهادة لأن المجازاة إنما تقع على من يعلم مشاهدة، لا على ما هو معلوم منهم غير مغمور {وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} ١ أي: يطهرها من الشدة والمرض بما يريكم من عجائب آياته وباهر قدرته، وهذا خاص بالمؤمنين دون المنافقين {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} ٢ قيل معناه: إن الله لا يبتليكم ليعلم ما في صدوركم فإنه عليم بذلك وإنما ابتلاكم ليظهر أسراركم. والله أعلم.

قال وقوله: {الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} ٣.

ش: قال ابن كثير: يتهمون الله تعالى في حكمه، ويظنون بالرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه أن يقتلوا ويذهبوا بالكلية، ولهذا قال: {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ} ٤

أي: أبعدهم من رحمته {وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} ٥.

[بعض أنواع ظن السوء برب العالمين]

قال ابن القيم في الآية الأولى: فسر هذا الظن بأنه سبحانه لا ينصر رسوله، وأن أمره سيضمحل، وفسر أن ما أصابهم لم يكن بقدر الله وحكمته، ففسر بإنكار الحكمة، وإنكار القدر، وإنكار أن يتم أمر رسوله، وأن يظهره على الدين كله، وهذا هو ظن السوء الذي ظن المنافقون والمشركون في سورة الفتح، وإنما كان هذا ظن السوء، لأنه ظن غير ما يليق به سبحانه، وما يليق بحكمته وحمده ووعده الصادق، فمن ظن أنه يديل الباطل على الحق إدالة مستقرة يضمحل معها الحق، أو أنكر أن يكون ما جرى بقضائه وقدره، أو أنكر أن يكون قدره لحكمة بالغة يستحق عليها الحمد، بل زعم أن ذلك لمشيئة مجردة; فـ {ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} ٦. وأكثر الناس يظنون بالله ظن السوء فيما يختص بهم وفيما يفعله بغيرهم، فقَلَّ من


١ سورة آل عمران آية: ١٥٤.
٢ سورة آل عمران آية: ١٥٤.
٣ سورة الفتح آية: ٦.
٤ سورة الفتح آية: ٦.
٥ سورة الفتح آية: ٦.
٦ سورة ص آية: ٢٧.

<<  <   >  >>