والفساد، ولا يحب الإيمان والبر والطاعة والصلاح، فقد ظن به ظن السوء، ومن ظن أنه لا يحب، ولا يرضى، ولا يغضب، ولا يوالي، ولا يعادي، ولا يقرب من أحد من خلقه، ولا يقرب عنده أحد، وأن ذوات الشياطين في القرب منه، كذوات الملائكة المقربين، فقد ظن به ظن السوء، ومن ظن أنه يسوي بين المتضادين، أو يفرق بين المتساويين في كل وجه، أو يحبط طاعات العمر المديد الخالصة الصواب بكبيرة واحدة تكون بعدها، فيخلده في الجحيم لتلك الكبيرة، كما يخلد من لم يؤمن به طرفة عين، واستنفد عمره في مساخطه، ومعاداة رسله ودينه; فقد ظن به ظن السوء.
وبالجملة فمن ظن به خلاف ما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله، أو عطل حقائق ما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله، فقد ظن به ظن السوء، ومن ظن أن له ولدًا أو شريكًا، أو أن أحدًا يشفع عنده بدون إذنه، أو أن بينه وبين خلقه وسائط يرفعون حوائجهم إليه، أو أنه نصب لعباده أولياء من دونه، يتقربون بهم إليه، ويجعلونهم وسائط بينه وبينهم فيدعونهم، ويخافونهم، ويرجونهم; فقد ظن به أقبح الظن وأسوأه، ومن ظن به أنه ينال ما عنده بمعصيته ومخالفته، كما ينال بطاعته، والتقرب إليه، فهو من ظن السوء، ومن ظن أنه إذا ترك لأجله شيئًا لم يعوضه خيرًا منه، أو من فعل شيئًا لأجله، لم يعطه أفضل منه، فقد ظن به ظن السوء، ومن ظن أنه يغضب على عبده، ويعاقبه بغير جرم، ولا سبب من العبد إلا بمجرد المشيئة; فقد ظن به ظن السوء، ومن ظن أنه إذا صدق في الرغبة والرهبة، وتضرع إليه وسأل واستعان به، وتوكل عليه أنه يخيبه، فقد ظن به ظن السوء، ومن ظن أنه يثيبه إذا عصاه، كما يثيبه إذا أطاعه، وسأله ذلك في دعائه، فقد ظن به خلاف ما هو أهله، وما لا يفعله، ومن ظن أنه إذا أغضبه وأسخطه، ووقع في معاصيه، ثم اتخذ من دونه أولياء، ودعا من دونه ملكًا، أو بشرًا حيًا أو ميتًا يرجو بذلك