أن ينفعه عند ربه، ويخلصه من عذابه، فقد ظن به ظن السوء، ومن ظن به أنه يسلط على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم أعداءه تسليطًا مستقرًا دائمًا في حياته ومماته، وابتلاه بهم لا يفارقونه، فلما مات استبدوا بالأمر دون وصيه، وأهل بيته، وسلبوهم حقهم، وأذلوهم من غير جرم، ولا ذنب لأوليائه، وأهل الحق، وهو يرى ذلك، ويقدر على نصرة أوليائه وحزبه، ولا ينصرهم، ثم جعل المبدلين لدينه مضاجعيه صلى الله عليه وسلم في حفرته تسلم أمته عليه وعليهم كل وقت، كما تظنه الرافضة; فقد ظن به أقبح الظن. انتهى اختصارًا. وهو ينبهك على إحسان الظن بالله في كل شيء.
فليعتن اللبيب. اللب: العقل، واللبيب العاقل.
قوله:"ولو فتشت من فتشت لرأيت عنده تعنتًا على القدر"، وملامة له، وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا.
قلت: بل يبوحون بذلك، ويصرحون به جهارًا في أشعارهم وكلامهم.
قال ابن عقيل في"الفنون": الواحد من العوام إذا رأى مراكب مقلدة بالذهب والفضة، ودارًا مشيدة مملوءة بالخدم والزينة، قال: انظر إلى إعطائهم مع سوء أفعالهم، ولا يزال يلعنهم، ويذم معطيهم حتى يقول: فلان يصلي الجماعات والجمع، ولا يؤذي الذر، ولا يأخذ ما ليس له، ويؤدي الزكاة إذا كان له مال، ويحج ويجاهد، ولا ينال خلة بقلبه، ويظهر الإعجاب كأنه ينطق إنه لو كانت الشرائع حقًّا لكان الأمر بخلاف ما ترى، وكان الصالح غنيًّا، والفاسق فقيرًا.
قال أبو الفرج ابن الجوزي: وهذه حالة قد شملت خلقًا كثيرًا من العلماء والجهال، أولهم إبليس فإنه نظر بعقله، فقال: كيف يفضل الطين على جوهر النار؟! وفي ضمن اعتراضه: إن حكمتك قاصرة وأنا أجود. واتبع إبليس في تفضيله واعتراضه خلق كثير، مثل الراوندي والمعري، ومن قوله: