للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا كان لا يحظى برزقك عاقل ... وترزق مجنونًا وترزق أحمقا

ولا ذنب يا رب السماء على امرئ ... رأى منك ما لا ينتهي فتزندقا

[وأمثال ذلك كثير في أولئك الذين ابتعدوا عن كتاب الله وسنة رسوله، وانطلقوا إلى أهوائهم، واعتمدوا على عقولهم القاصرة التي جعلتهم يعترضون على الله جل وعلا] .

وكان أبو طالب المكي يقول: ليس على المخلوق أضر من الخالق. قال ابن الجوزي: ودخلت على صدقة بن الحسين الحداد، وكان فقيهًا غير أنه كان كثير الاعتراض، وكان عليه جرب، فقال: هذا ينبغي أن يكون على حمد لا علي. وكان يتفقد بعض الأكابر أكولاً، فيقول: بعث لي هذا على الكبر وقت لا أقدر على أكله. وكان رجل يصحبني قد قارب ثمانين سنة، كثير الصلاة والصوم، فمرض واشتد به المرض، فقال: إن كان يريد أن أموت فيميتني، وأما هذا التعذيب، فما له معنى، والله لو أعطاني الفردوس كان مكفورًا. ورأيت آخر تزيا بالعلم إذا ضاق عليه رزقه يقول: أيشٍ هذا التدبير؟ وعلى هذا كثير من العوام إذا ضاقت أرزاقهم اعترضوا، وربما قالوا: ما يريد يصلي. وإذا رأوا رجلاً صالحًا مؤذيًا قالوا ما يستحق قدحًا في القدر، وكان قد جرى في زماننا تسلط من الظلمة، وقال بعض من تزيا بالدين: هذا حكم بارد. وما فهم ذلك الأحمق، فإن لله على الظالم] أن يسلط عليه أظلم منه] ، وفي الحمقى من يقول: أي فائدة في خلق الحيات والعقارب، وما علم أن ذلك نموذج لعقوبة المخالف، وهذا أمر قد شاع، ولهذا مددت النفس فيه.

واعلم أن المعترض قد ارتفع أن يكون شريكًا وعلا الخالق بالحكم عليه، وهؤلاء كلهم كفرة، لأنهم رأوا حكمة الخالق قاصرة، وإذا كان قد توقف القلب عن الرضى بحكم الرسول صلى الله عليه وسلم يخرج عن الإيمان. قال: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} ١. فكيف يصح الإيمان مع الاعتراض على الله؟ وكان في زمن ابن عقيل رجل رأى بهيمة على غاية من السقم، فقال:


١ سورة النساء آية: ٦٥.

<<  <   >  >>