للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفاسدة من غير نعمة خص الله بها المؤمنين، وهذا قول باطل، وقد قال الله تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ١. وقال: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} ٢.

وقال ابن القيم ما معناه: مراتب القضاء والقدر أربع مراتب:

الأولى: علم الرب سبحانه بالأشياء قبل كونها.

الثانية: كتابة ذلك عنده في الأزل قبل خلق السموات والأرض.

الثالثة: مشيئته المتناولة لكل موجود فلا خروج لكائن كما لا خروج له عن علمه.

الرابعة: خلقه لها وإيجاده وتكوينه، فالله خالق كل شيء، وما سواه مخلوق.

[الإيمان بالقدر خيره وشره]

قال: وقال ابن عمر: "والذي نفس ابن عمر بيده لو كان لأحدهم مثل أحد ذهبًا ثم أنفقه في سبيل الله ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر. ثم استدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره" ٣ رواه مسلم.

ش: قوله:"وقال ابن عمر": هو عبد الله بن عمر بن الخطاب.

قوله:"لو كان لأحدهم مثل أحد ذهبًا، ثم أنفقه في سبيل الله ما قبله الله منه ... " إلخ. هذا قول ابن عمر لغلاة القدرية الذين أنكروا أن يكون الله تعالى عالمًا بشيء من أعمال العباد قبل وقوعها منهم، وإنما يعلمها بعد كونها منهم كما تقدم عنهم. قال القرطبي: ولا شك في تكفير من يذهب إلى ذلك، فإنه جحد معلوم من الشرع بالضرورة،


١ سورة الحجرات آية: ١٧.
٢ سورة الحجرات آية: ٨-٧.
٣ مسلم: الإيمان (٨) , والترمذي: الإيمان (٢٦١٠) , والنسائي: الإيمان وشرائعه (٤٩٩٠) , وأبو داود: السنة (٤٦٩٥) , وابن ماجه: المقدمة (٦٣) , وأحمد (١/٢٧ ,١/٢٨ ,١/٥١ ,١/٥٢ ,٢/١٠٧) .

<<  <   >  >>