للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالبعض كافر بالكل، فلا يكون مؤمنًا متقيًا، والله لا يقبل إلا من المتقين.

وهذا قطعة من حديث جبريل عليه السلام، وقد أخرجه مسلم بطوله أول كتاب الإيمان في"صحيحه"من حديث يحيى بن يعمر عن ابن عمر، ولفظه: "عن يحيى بن يعمر قال: كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني، فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين، فقلنا: لو لقينا أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر، فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلاً المسجد، فاكتنفته أنا وصاحبي، أحدنا عن يمينه، والآخر عن شماله، فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي، فقلت: يا أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قبلنا أناس يقرؤون القرآن ويتقفرون١ العلم، وذكر من شأنهم وأنهم يزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أنف. قال: فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم برآء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر: لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبًا فأنفقه، ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر. ثم قال: حدثني أبي عمر بن الخطاب قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، فقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام.... وذكر الحديث.

وقوله:"خيره وشره"، أي: خير القدر وشره، أي: أنه تعالى قدر الخير والشر قبل خلق الخلق، وأن جميع الكائنات بقضائه وقدره وإرادته، لقوله تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً} ٢. {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} ٣. {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} ٤


١ أي يطلبونه ويتتبعونه.
٢ سورة الفرقان آية: ٢.
٣ سورة الصافات آية: ٩٦.
٤ سورة القمر آية: ٤٩.

<<  <   >  >>