للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (فخاض الناس في أولئك) . قال النووي هو بالخاء والضاد المعجمتين، أي: تكلموا وتناظروا.

قال: وفي هذا إباحة المناظرة في العلم والمباحثة في نصوص الشرع على جهة الاستفادة وإظهار الحق.

وفيه عمق علم السلف لمعرفتهم أنهم لم ينالوا ذلك إلا بعملٍ، وفيه حرصهم على الخير; ذكره المصنف.

قوله: فقال " هم الذين لا يسترقون ". هكذا ثبت في "الصحيحين" وفي رواية مسلم التي ساقها المصنف هنا زيادة: "ولا يرقون"، وكأن المصنف اختصرها ـ كغيرها ـ لما قيل: إنها معلولة.

قال شيخ الإسلام: هذه الزيادة وهم من الراوي، لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: لا يرقون، لأن الراقي محسن إلى أخيه. وقد قال صلى الله عليه وسلم ـ وقد سئل عن الرقى ـ قال: "من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه" ١ وقال: "لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا" ٢. قال: وأيضا فقد "رقى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم "، "ورقى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه" ٣.

قال: والفرق بين الراقي والمسترقي في أن المسترقي سائل مستعط ملتفت إلى غير الله بقلبه، والراقي محسن. قال: وإنما المراد وصف السبعين ألفًا بتمام التوكل فلا يسألون غيرهم أن يرقيهم ولا يكويهم ولا يتطيرون. وكذا قال ابن القيم; ولكن اعترضه بعضهم بأن قال: تغليط الراوي مع إمكان تصحيح الزيادة لا يصار إليه.

والمعنى الذي حمله على التغليط موجود في المرقى، لأنه اعتل بأن الذي لا يطلب من غيره أن يرقيه تام التوكل، فكذا يقال: والذي يفعل به غيره ذلك ينبغي أن لا يمكنه منه لأجل تمام التوكل، وليس في وقوع ذلك من جبريل عليه السلام دلالة على المدعى، ولا في فعل النبي صلى الله عليه وسلم له أيضًا دلالة؛ لأنّه في مقام التشريع، وتبيين الأحكام كذا قال هذا القائل وهو خطأ من وجوه:

الأول: أن هذه الزيادة لا يمكن تصحيحها إلا بحملها على وجوه لا يصح حملها عليها كقول بعضهم: المراد لا يرقون بما كان شركًا أو


١ مسلم: السلام (٢١٩٩) .
٢ مسلم: السلام (٢٢٠٠) , وأبو داود: الطب (٣٨٨٦) .
٣ البخاري: الطب (٥٧٤٦) , ومسلم: السلام (٢١٩٤) , وأبو داود: الطب (٣٨٩٥) , وابن ماجه: الطب (٣٥٢١) , وأحمد (٦/٩٣) .

<<  <   >  >>