للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان الوثن قد يطلق على الصنم، ذكر معناه غير واحد، ويروى عن بعض السلف ما يدل عليه. وقوله: {وَاجْنُبْنِي} ، أي: اجعلني {وَبَنِيَّ} في جانب عن عبادة الأصنام، وباعد بيني وبينها. قيل: وأراد بذلك بنيه وبناته من صلبه، ولم يذكر البنات لدخولهم تبعا في البنين، وقد استجاب الله دعاءه وجعل بنيه أنبياء وجنبهم عبادة الأصنام، وإنما دعا إبراهيم عليه السلام بذلك، لأن كثيرًا من الناس افتتنوا بها، كما قال: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ} ١. فخاف من ذلك ودعا الله أن يعافيه وبنيه من عبادتها، فإذا كان إبراهيم عليه السلام يسأل الله أن يجنبه ويجنب بنيه عبادة الأصنام، فما ظنك بغيره؟ كما قال إبراهيم التيمي: ومن يأمن من البلاء بعد إبراهيم؟! رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم، وهذا يوجب للقلب الحي أن يخاف من الشرك، لا كما يقول الجهال: إن الشرك لا يقع في هذه الأمة، ولهذا أمنوا الشرك فوقعوا فيه، وهذا وجه مناسبة الآية للترجمة.

[بيان أن الرياء من الشرك الأصغر]

قال: وفي الحديث "أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسئل عنه فقال: الرياء" ٢.

ش: هكذا أورد المصنف هذا الحديث مختصرًا غير معزوّ، وقد رواه الإمام أحمد والطبراني، وابن أبي الدنيا، والبيهقي في " الزهد" ; وهذا لفظ أحمد قال: حدثنا يونس، ثنا ليث عن يزيد، يعني ابن الهاد، عن عمرو عن محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء، يقول الله يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء" ٣.

قال المنذري: ومحمود بن لبيد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصح له منه سماع فيما أرى. وذكر ابن أبي حاتم أن البخاري قال: له صحبة. قال: وقال أبي: لا تعرف له صحبة، ورجح ابن عبد البر والحافظ أن له صحبة وقال: جل روايته عن الصحابة. وقد


١ سورة إبراهيم آية: ٣٦.
٢ أحمد (٥/٤٢٨) .
٣ أحمد (٥/٤٢٨) .

<<  <   >  >>