{أنزل من السماء ماء} يعني: المطر {فسالت أودية} جمع وادٍ {بقدرها} بقدر ما يملأها أراد بالماء القرآن وبالأودية القلوب والمعنى: أنزل قرآناً فقبلته القلوب بأقدارها منها ما رُزق الكثير ومنها ما رُزق القليل ومنها ما لم يُرزق شيئاً {فاحتمل السيل زبداً} وهو ما يعلو الماء {رابياً} عالياً فوقه والزَّبَد مَثلُ الكفر يريد: إنَّ الباطل ـ وإنْ ظهر الحقِّ في بعض الأحوال ـ فإنَّ الله سيمحقه ويُبطله ويجعل العاقبة للحقِّ وأهله وهو معنى قوله: {فأمَّا الزبد فيذهب جفاء} وهو ما رمى به الوادي {وأمَّا ما ينفع الناس} ممَّا ينبت المرعى {فيمكث} يبقى {في الأرض} ثمَّ ضرب مثلاً آخر وهو قوله: {وممَّا يوقدون عليه في النَّار} يعني: جواهر الأرض من الذَّهب والفضَّة والنُّحاس وغيرها ممَّا يدخل النَّار فتوقد عليها وتتخذ منها الحُلِيُّ وهو الذَّهب والفضَّة والأمتعة وهي للأواني يعني: النُّحاس والرَّصاص وغيرهما وهذا معنى قوله: {ابتغاء حلية أو متاعٍ زبدٌ مثله} أَيْ: مثل زبد الماء يريد: إنَّ من هذه الجواهر بعضها خبث ينفيه الكير {كَذَلِكَ} كما ذُكر من هذه الأشياء {يضرب الله} مثل الحقِّ والباطل وهذه الآية فيها تقديمٌ وتأخير في اللَّفظ والمعنى ما أخبرتك به