{ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نعاساً} وذلك أنَّهم خافوا كرَّة المشركين عليهم وكانوا تحت الحَجَف مُتأهِّبين للقتال فأمَّنهم الله تعالى أمناً ينامون معه وكان ذلك خاصا بالمؤمنين وهو قوله {يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمَّتهم} وهم المنافقون كان همَّهم خلاص أنفسهم {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ} أَيْ: يظنون أن أمر محمد عليه السلام مضمحل وأنه لا ينصر {ظنّ الجاهلية} أَيْ: كظنِّ أهل الجاهليَّة وهم الكفَّار {يَقُولُونَ: هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ} ليس لنا من النصر والظَّفَر شيء كما وُعدنا يقولون ذلك على جهة التكذيب فقال الله تعالى: {إنَّ الأمر كلّه لله} أَيْ: النصر والشهادة والقدر والقضاء {يخفون في أنفسهم} من الشك والنفاق {مَا لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لنا من الأمر شيء} أَيْ: لو كان الاختيار إلينا {ما قتلنا هاهنا} يعنون: أنَّهم أخرجوا كُرهاً ولو كان الأمر بيدهم ما خرجوا وهذا تكذيبٌ منهم بالقدر فردَّ الله عليهم بقوله: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم} مصارعهم ولم يكن لِيُنجيهم قعودُهم {وليبتلي الله ما في صدوركم} أيُّها المنافقون فعلَ الله ما فعلَ يوم أُحدٍ {وليمحِّص} ليظهر ويكشف {ما في قلوبكم} أيُّها المؤمنون من الرِّضا بقضاء الله {والله عليمٌ بذات الصدور} بضمائرها