{فلما فصل طالوت بالجنود} أَيْ: خرج بهم من الموضع الذي كانوا فيه إلى جهاد العدوِّ {قال} لهم طالوت: {إنَّ الله مبتليكم} أَيْ: مُختبركم ومُعاملكم مُعاملة المختبر {بنهرٍ} أَيْ: بنهر فلسطين ليتميِّز المحقِّق ومَنْ له نيَّةٌ في الجهاد من المُعذِّر {فمن شرب منه} أَيْ: من مائه {فليس مني} أَيْ: من أهل ديني {ومن لم يطعمه} لم يذقه {فَإِنَّهُ مِنِّي إِلا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} أَيْ: مرَّةً واحدةً أَيْ: أخذ منه بجرَّةٍ أو قِربةٍ وما أشبه ذلك مرَّةً واحدةً قال لهم طالوت: مَنْ شرب من النَّهر وأكثر فقد عصى الله ومن اغترف غرفة بيده أقنعته فهجموا على النَّهر بعد عطش شديد فوقع أكثرهم في النَّهر وأكثروا الشُّرب فهؤلاء جَبُنوا عن لقاء العدو وأطاع قومٌ قليلٌ عددهم فلم يزيدوا على الاغتراف فقويت قلوبهم وعبروا النَّهر فذلك قوله: {فشربوا منه إلاَّ قليلاً منه} وكانوا ثلثمائة وبضعة عشر رجلاً {فلما جاوزه} أَي: النَّهر {هو والذين آمنوا معه قالوا} يعني: الذين شربوا وخالفوا أمر الله تعالى: {لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال} يعني: القليل الذين اغترفوا وهم {الذين يظنون} أَيْ: يعلمون {أنهم ملاقوا الله} أَيْ: راجعون إليه: {كم مِنْ فئة قليلة} أَيْ: جماعةٍ قَلِيلَةٍ {غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مع الصابرين} بالمعونة والنَّصر