للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تثبت الحق ببراهينه، بطرح الشبهات، وإلقاء عبارات التعجب، وادِّعاء أن الأمر غير مقبول عقلًا" (١).

{أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ}: هذه الآية واردةٌ في بيان شُبهة المشركين الساذجة في إنكار البَعْث واستبعاد الحياة بعد الموت، وهي أن بِلى الأجساد وصيرورتها رفاتًا، واختلاطها بالتراب، وتفرُّق أجزائها في مناحي الأرض ومهابِّ الرياح لا تُبقي أملًا في إمكان جمعها، لعدم العلم بمواقع تلك الأجزاء وذرَّاتها، ولو علمت مواقعها فكيف تُعاد إليها أرواحها، ذلك رجوعٌ يستبعد العقل وقوعَه، وتُحيله العادة (٢). ففيها ذِكر إنكار المشركين لعلم الله تعالى بالأشياء وقدرته على خَلْق ما يريد، المتضمِّن ذلك إنكار حكمة الله في خلق الإنسان (٣).

{قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ}: هذه الآية ردٌّ موجزٌ على شُبهة المشركين في إنكار البَعْث واستبعاده، ففيها "تقرير كمال علم الله سبحانه" (٤)

وتقرير قدرته ضمنًا، وبيان أنه سبحانه "قد علم ما تنقصه الأرض من لحومهم وعظامهم وأشعارهم، وأنه كما هو عالمٌ بتلك الأجزاء، فهو قادرٌ على تحصيلها وجمعها بعد تفرُّقها وتأليفها خلقًا جديدًا" (٥).

وفي الآية "تقريرٌ لعقيدة القضاء والقدر بتقرير كتاب المقادير" (٦).

وفي التعبير بالنقص دون الإعدام والإفناء في قوله: {مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ


(١). معارج التفكر ودقائق التدبُّر، لعبد الرحمن الميداني (٣/ ٢١، ٢٤).
(٢). انظر: التحرير والتنوير، لابن عاشور (٢٦/ ٢٨٠).
(٣). معارج التفكر، لعبد الرحمن الميداني (٣/ ٢٨). وانظر: الفوائد، لابن القيم (ص ٧ - ٨).
(٤). الفوائد، لابن القيم (ص ٨).
(٥). الفوائد، لابن القيم (ص ٧).
(٦). انظر: أيسر التفاسير، للجزائري (٥/ ١٣٨).

<<  <   >  >>