للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي التعبير بالماضي تنبيهٌ على أن الأمر متحقِّق الوقوع، وعلى أنه قد وقع بالفعل نظيرُه لمن سبق موته نزولَ النص من الناس (١).

وفي هذا إيقاظٌ للقلوب من الغفلة، وتأكيدٌ على أنه ينبغي للإنسان أن يستعدَّ للموت وأحواله، وأن يقضي حياته على توجُّس وحذر.

{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ}: هذه الآية واردةٌ في "ذِكر القيامة الكبرى" (٢)، ففيها الإخبار بنفخ المَلَك الموكَّل بالنفخ في الصور النفخة الثانية وهي نفخة البَعْث، وأن ذلك يوم العذاب الذي وعد به الكفار والعُصاة. "وخص الوعيد بالذِّكر دون الوعد، لتهويل هذا اليوم وتحذير العصاة مما سيكون فيه" (٣)، وليتناسب مع أسلوب السُّورة القوي في التَّقريع والتَّبكيت.

{وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ}: هذه الآية واردةٌ في "حكاية ما سوف يواجهه المكذِّبون حين بعثهم يوم القيامة من الحقائق التي كانوا يتهرَّبون منها أو يرتابون فيها" (٤)، ففيها الإخبار بـ"أن كل أحد يأتي الله سبحانه ذلك اليوم ومعه سائقٌ يسوقه وشهيد يشهد عليه، وهذا غير شهادة جوارحه، وغير شهادة الأرض التي كان عليها له عليه، وغير شهادة رسوله والمؤمنين".

وفي الآية دليلٌ على أن الحاكم لا يحكم بعلمه. "فإن الله سبحانه يستشهد على العبد الحَفَظة والأنبياء والأمكنة التي عملوا عليها الخير والشر، والجلود التي عصوه بها، ولا يحكم بينهم بمجرد علمه؛ وهو أعدل العادلين وأحكم الحاكمين، ولهذا أخبر نبيه أنه يحكم بين الناس بما سمعه من إقرارهم وشهادة


(١). معارج التفكر (٣/ ٩٣).
(٢). الفوائد، لابن القيم (ص ١٣).
(٣). التفسير الوسيط، للطنطاوي (٢٦/ ٢٣١).
(٤). التفسير الحديث (٢/ ٢٣٥).

<<  <   >  >>