للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ}: هذه الآية واردةٌ في ذِكر بدء الحساب، ففيها الإخبار بأن الإنسان يُحضره قرينه الموكَّل به من الملائكة، ويحضره معه عمله الذي أحصاه، ويعرضه للحساب أمام رب العالمين، في موقف رهيب تقشعرُّ منها الأبدان، وترتجف لها القلوب. فينبغي للإنسان أن يستعدَّ للقاء الله قبل الموت، وأن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب في الآخرة.

{أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (٢٤) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (٢٥) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ}: هذه الآيات واردةٌ في عرض لقطات من الموقف العصيب الرهيب في محاكمة المجرمين وبيان مصيرهم، والأمر العام بإلقائهم في جهنم. وفيه تقريع الكفار وإنذارهم وإثارة الخوف فيهم وحملهم على الارتداع.

"والآية في إطلاقها وعمومها تتضمَّن تقبيح مَنْع الخير والاعتداء عامة. وإنذار المتَّصف بهذه الأخلاق بسخط الله وغضبه ... ، وتتضمَّن تقرير كَوْن ما يلقاه الكفار المناعون للخير المعتدون الخبثاء إنما هو جزاء على ما اقترفوه من إثم حقًّا وعدلًا" (١). وفيه ما يؤكِّد على أنه لا يجوز معاقبة الإنسان بلا محاكمة أو بلا إثبات جرائمه.

{قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ}: هذه الآية في بيان اختصام الكافر وقرينه من الشياطين، فإن الكافر إذا قدم النار، أراد التنصُّل من كفره وعناده بإلقاء تبعته على قرينه الذي كان يزين له الكفر، فيتبرأ قرينه من تحمل تَبِعة كفر الإنسان. و"من الحكمة المملوحة في ذلك إثارة الخوف في الكفار والضالين والمجرمين وحملهم على الارعِواء بإيذانهم بأن الذين وسوسوا لهم من قرنائهم وشياطينهم سيتنصلون منهم وبأن الذين يرافقونهم من ملائكة


(١). التفسير الحديث (٢/ ٢٣٧).

<<  <   >  >>