للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يسمعه من المشركين وتعليمًا لأهل القرآن المؤمنين" (١).

"ويدل استعمال المضارع على أن السؤال وجوابه يتكرران ويتجددان بعد إلقاء فوج ففوج في جهنم" (٢). كما ورد في الحديث المتفق عليه: «لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ يُلْقَى فِيهَا، وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ، فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَتُقُولُ: قَطّ قَطّ، بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ» (٣).

"وفيه دلالةٌ على أن الموجودات مشوقة إلى الإيفاء، وإظهار الامتثال لِما خلقها الله لأجله، وأنها لا تتلكأ ولا تتعلل في أدائه" (٤).

{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ}: هذه الآية، والتي تليها، "استطرادٌ إلى ذِكر حظِّ المؤمنين يوم القيامة -على عادة القرآن في تعقيب الترهيب بالترغيب وعكسه-" (٥)،

ففيها ذِكر تقريب الجنة من المتقين، وبيان فضل التقوى وكرامة المتقين على رب العالمين. والذي "من شأنه جذبُ أصحاب القلوب الواعية والنفوس الطيبة، وحملها على السير في السبيل القويم، وبثّ الطمأنينة والغبطة والرضاء فيها" (٦)، وفيه دعوة للمشركين إلى الإيمان واختيار التقوى، وتركِ ما هم فيه من التكذيب والغفلة.

{هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ}: هذه الآية واردةٌ في بيان ما يقال للمتقين عند إزلاف الجنة منهم، وذِكر صفتين من صفاتهم، وهي أن يكون أوابًا حفيظًا.


(١). التحرير والتنوير، لابن عاشور (٢٦/ ٣١٧).
(٢). معارج التفكر، للميداني (٣/ ١١٣).
(٣). أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأيمان والنذور، باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته، (ح ٦٦٦١)، (٨/ ١٣٥)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، (ح ٢٨٤٨)، (٨/ ١٥٢) وهذا لفظه.
(٤). التحرير والتنوير، لابن عاشور (٢٦/ ٣١٨).
(٥). انظر: التحرير والتنوير، لابن عاشور (٣٠/ ١٣٧).
(٦). التفسير الحديث (٢/ ٢٤١).

<<  <   >  >>