للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحال على ما ذكر من استفادة القمر النور من الشمس، وأن الخسوف والكسوف بسبب الحيلولة، ومثل هذا الاحتمال قائم في العلوم العادية والتجربية «١» أيضا، بل في جميع الضروريات، مع أن القادر المختار يجوز أن يجعلها كذلك بحسب إرادته؛ بل على تقدير أن يكون المبدأ موجبا يجوز أن يتحقق وضع غريب من «٢» الأوضاع الفلكية، فيقتضي ظهور ذلك الأمر الغريب على مذهب القائلين بالإيجاب من استناد الحوادث إلى الأوضاع الفلكية، وغير ذلك مما هو مذكور في شبه القادحين في الضروريات. ولو سلم أنّ إثبات مسائل هذا الفن يتوقّف على تلك الأصول الفاسدة فلا شك أنه إنما يكون ذلك إذا ادّعى أصحاب هذا الفن أنه لا يمكن إلّا على الوجه الذي ذكرنا. أمّا إذا كان دعواهم أنه يمكن أن يكون على ذلك الوجه ويمكن أن يكون على الوجوه الأخر، فلا يتصوّر التوقف حينئذ، وكفى بهم فضلا أنهم تخيّلوا من الوجوه الممكنة ما تنضبط به أحوال تلك الكواكب مع كثرة اختلافاتها على وجه تيسّر لهم أن يعيّنوا مواضع تلك الكواكب واتصالات بعضها ببعض في كل وقت أرادوا، بحيث يطابق الحسّ والعيان مطابقة تتحيّر فيها العقول والأذهان، كذا في شرح التجريد.

وهكذا يستفاد من شرح المواقف في موقف الجواهر في آخر بيان محدد الجهات. وفي إرشاد القاصد [علم] «٣» الهيئة وهو علم تعرف به أحوال الأجرام البسيطة العلوية والسفلية وأشكالها وأوضاعها وأبعاد ما بينها، وحركات الأفلاك والكواكب ومقاديرها. وموضوعه الأجسام المذكورة من حيث كميتها وأوضاعها وحركاتها اللازمة لها.

وأما العلوم المتفرعة عليه فهي خمسة: علم الزيجات، وعلم المواقيت، وعلم كيفية الأرصاد، وعلم تسطيح الكرات والآلات الحادثة عنه، وعلم الآلات الظليّة؛ وذلك لأنه إمّا أن يبحث عن إيجاد ما تبرهن بالفعل، أو لا، الثاني كيفية الأرصاد، والأول إمّا حساب الأعمال أو التوصّل إلى معرفتها بالآلات، فالأول منهما إن اختصّ بالكواكب المجرّدة فهو علم الزيجات والتقاويم، وإلّا فهو علم المواقيت، والآلات إمّا شعاعية أو ظلّية، فإن كانت شعاعية فهو علم تسطيح الكرة، وإن كانت ظليّة فعلم الآلات الظليّة، فلنرسم هذه العلوم كما تقدم.

[علم الزيجات والتقاويم]

علم تتعرّف منه مقادير حركات الكواكب السيّارة منتزعا من الأصول الكلية. ومنفعته معرفة موضع كلّ واحد من الكواكب السبعة بالنسبة إلى فلكه وإلى فلك البروج، وانتقالاتها ورجوعها واستقامتها وتشريقها وتغريبها وظهورها واختفائها في كل زمان ومكان، وما أشبه ذلك من اتصال بعضها ببعض، وكسوف الشمس وخسوف القمر وما يجري هذا المجرى.

[علم المواقيت]

وهو علم تتعرّف منه أزمنة الأيام والليالي وأحوالها وكيفية التوصّل إليها. ومنفعته معرفة أوقات العبادات وتوخّي جهتها، والطوالع والمطالع من أجزاء البروج، والكواكب الثابتة التي منها منازل القمر، ومقادير الظلال والارتفاعات، وانحراف البلدان بعضها عن بعض وسموتها.


(١) التجريبية (م).
(٢) مع (ع).
(٣) علم (+ م).