للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتركيبية، ومعانيها التي يحمل عليها حالة التركيب وتتمّات ذلك. قال: فقولنا علم جنس، وقولنا يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن هو علم القراءة، وقولنا ومدلولاتها أي مدلولات تلك الألفاظ، وهذا متن علم اللغة الذي يحتاج إليه في هذا العلم. وقولنا وأحكامها الإفرادية والتركيبية يشتمل «١» علم الصرف والنحو والبيان والبديع، وقولنا ومعانيها التي يحمل عليها حالة التركيب يشتمل ما دلالته بالحقيقة وما دلالته بالمجاز، فإنّ التركيب قد يقتضي بظاهره شيئا ويصدّ عن الحمل عليه صادّ، فيحمل على غيره وهو المجاز، وقولنا وتتمّات ذلك هو مثل معرفة النسخ وسبب النزول «٢» وتوضيح ما أبهم في القرآن ونحو ذلك. وقال الزركشي «٣»: التفسير علم يفهم به كتاب الله المنزّل على محمد صلى الله عليه وسلم، وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه واستمداد ذلك من علم اللغة والنحو والتصريف وعلم البيان وأصول الفقه والقراءات، ويحتاج إلى معرفة أسباب النّزول والناسخ والمنسوخ، كذا في الاتقان «٤»، فموضوعه القرآن.

وأما وجه الحاجة إليه فقال بعضهم اعلم أنّ من المعلوم أن الله تعالى إنّما خاطب خلقه بما يفهمونه، ولذلك أرسل كل رسول بلسان قومه وانزل كتابه على لغتهم، وإنما احتيج إلى التفسير لما سيذكر بعد تقرير قاعدة، وهي أنّ كل من وضع من البشر كتابا فإنما وضعه ليفهم بذاته من غير شرح، وإنما احتيج إلى الشروح لأمور ثلاثة: أحدها كمال فضيلة المصنف، فإنه بقوته العلمية يجمع المعاني الدقيقة في اللفظ الوجيز، فربما عسر فهم مراده فقصد بالشروح ظهور تلك المعاني الدقيقة؛ ومن هاهنا كان شرح بعض الأئمة لتصنيفه أدلّ على المراد من شرح غيره له. وثانيها إغفاله بعض متمّمات المسألة أو شروطها اعتمادا على وضوحها، أو لأنها من علم آخر، فيحتاج الشارح لبيان المتروك ومراتبه. وثالثها احتمال اللفظ لمعان مختلفة كما في المجاز والاشتراك ودلالة الالتزام، فيحتاج الشارح إلى بيان غرض المصنّف وترجيحه، وقد يقع في التصانيف ما لا يخلو عنه بشر من السّهو والغلط، أو تكرار الشيء، أو حذف المهمّ، وغير ذلك، فيحتاج الشارح للتنبيه على ذلك.

وإذا تقرر هذا، فنقول: إنّ القرآن إنما نزل بلسان عربي في زمن فصحاء العرب، وكانوا يعلمون ظواهره وأحكامه، أما دقائق باطنه فإنما كانت تظهر لهم بعد البحث والنظر مع سؤالهم النبي صلى الله عليه وسلم في الأكثر، كسؤالهم لما نزل [قوله] «٥» وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ «٦» فقالوا وأيّنا لم يظلم نفسه، ففسّره


والحديث والتراجم واللغات. له الكثير من المصنفات. الأعلام ٧/ ١٥٢، الدرر الكامنة ٤/ ٣٠٢، بغية الوعاة ١٢١، فوات الوفيات ٢/ ٢٨٢، نكت الهميان ٢٨٠، غاية النهاية ٢/ ٢٨٥، نفح الطيب ١/ ٥٩٨، شذرات الذهب ٦/ ١٤٥، النجوم الزاهرة ١٠/ ١١١، طبقات السبكي ٦/ ٣١، دائرة المعارف الإسلامية ١/ ٣٣٢.
(١) هذا يشمل (م).
(٢) المنزل (م).
(٣) الزركشي: هو محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي، بدر الدين. ولد بمصر عام ٧٤٥ هـ/ ١٣٤٤ م وفيها مات عام ٧٩٤ هـ/ ١٣٩٢ م. فقيه أصولي، عالم بالقرآن وعلومه. له تصانيف عديدة. الأعلام ٦/ ٦٠، الدرر الكامنة ٣/ ٣٩٧، شذرات الذهب ٦/ ٣٣٥.
(٤) الإتقان في علوم القرآن لأبي الفضل عبد الرحمن بن كمال الدين أبي بكر جلال الدين السيوطي (- ٩١١ هـ)، طبع في كلكوتا، ١٢٧١ هـ. معجم المطبوعات العربية، ١٠٧٤.
(٥) [قوله] (+ م).
(٦) الأنعام/ ٨٢.