للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بينهما في الحالة التي علّق كل واحد منهما بشيء واحد ونظر إلى مجرّد مفهوميهما مع قطع النّظر عمّا يتعلقانه، كذا في بعض الحواشي.

فالطباق ضربان. طباق الإيجاب سواء كان الجمع فيه بلفظين من نوع اسمين نحو وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ «١»، أو فعلين نحو يُحْيِي وَيُمِيتُ «٢»، أو حرفين نحو لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ «٣»، فإنّ في اللام معنى الانتفاع، وفي على معنى التّضرّر. أو كان من نوعين وهذا ثلاثة أقسام: اسم مع فعل أو حرف، وفعل مع حرف لكن الموجود هو الأول فقط نحو أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ «٤»، فإنّ الموت والإحياء مما يتقابلان في الجملة.

وطباق السّلب وهو أن يجمع بين فعلي مصدر واحد أحدهما مثبت والآخر منفي، أو أحدهما أمر والآخر نهي نحو وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ، يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا «٥» فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ «٦». ومن الطباق ما سمّاه البعض تدبيجا وقد مرّ، ومنه ما يخصّ باسم المقابلة كما يجيء. ويلحق بالطباق شيئان: أحدهما الجمع بين معنيين يتعلّق أحدهما بما يقابل الآخر نوع تعلّق مثل السببية واللزوم نحو أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ «٧»، فإنّ الرحمة وإن لم تكن مقابلة للشّدّة لكنها مسبّبة عن اللين الذي هو ضدّ الشّدّة، ومنه قوله تعالى أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً «٨» لأنّ إدخال النار يستلزم الإحراق المضاد للإغراق. وثانيهما ما يسمّى إيهام التضاد كما مرّ كذا في المطول.

قيل لا وجه لإلحاق النوع الأول بالطباق لأنّه داخل في تعريفه لأنّ منافي اللّازم مناف للملزوم، فبين المذكورين تناف في الجملة فيكون طباقا لا ملحقا به انتهى. ويؤيّد هذا جعله صاحب الاتقان من الطباق وتسميته بالطباق الخفي، قال المطابقة ويسمّى الطباق الجمع بين متضادين في الجملة، وهو قسمان:

حقيقي ومجازي، والثاني يسمّى التكافؤ وكلّ منهما إمّا لفظي أو معنوي وإمّا طباق إيجاب أو سلب. فمن أمثلة ذلك فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً «٩»، وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى «١٠» ووَ تَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ «١١». ومن أمثلة المجازي أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ «١٢» أي ضالا فهديناه. ومن أمثلة طباق السلب تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ «١٣». ومن أمثلة المعنوي إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ، قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ


(١) الكهف/ ١٨
(٢) البقرة/ ٢٥٨، آل عمران/ ١٥٦، الاعراف/ ١٥٨، التوبة/ ١١٦، يونس/ ٥٦، المؤمنون/ ٨٠
(٣) البقرة/ ٢٨٦
(٤) الانعام/ ١٢٢
(٥) الروم/ ٦ - ٧
(٦) المائدة/ ٤٤
(٧) الفتح/ ٢٩
(٨) نوح/ ٢٥
(٩) التوبة/ ٨٢
(١٠) النجم/ ٤٣
(١١) الكهف/ ١٨
(١٢) الانعام/ ١٢٢
(١٣) المائدة/ ١١٦