للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على الموضع أيضا نحو ليس زيد بقائم ولا قاعدا بالنصب، وله عند المحقّقين شروط ثلاثة.

أولها إمكان ظهور ذلك المحلّ في الفصيح. ألا ترى أنّه يجوز في ليس زيد بقائم أن تسقط الباء فتنصب؛ وعلى هذا فلا يجوز مررت بزيد وعمروا خلافا لابن جنّي لأنّه يجوّز مررت زيدا. ثانيها أن يكون الموضع بحق الأصالة فلا يجوز هذا ضارب زيدا وأخيه خلافا للبغداديين لأنّ الوصف المستوفي بشروط العمل الأصل أعماله لا الإضافة. ثالثها وجود المحرز أي الطالب لذلك المحلّ خلافا للكوفيين وبعض البصريين. ولذا امتنع أن زيدا وعمروا قائمان وذلك لأنّ الطالب لرفع زيد هو الابتداء أي التجرّد عن العوامل اللفظية وقد زال بدخول إنّ ومن الغريب قول أبي حيان، إنّ من شرط العطف على الموضع أنّ يكون للمعطوف عليه لفظا وموضع فجعل صورة المسألة شرطا لها، ثم إنّه أسقط الشرط الأول ولا بد منه. الثالث العطف عل التوهّم ويسمّى في القرآن العطف على المعنى نحو ليس زيد قائما ولا قاعد بالخفض على توهّم دخول الباء في الخبر، وشرط جوازه صحّة دخول ذلك العامل المتوهّم وشرط حسنه كثرة دخوله هناك كما في المثال المذكور، ويقع هذا في المجرور كما عرفت وفي المجزوم نحو: لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ «١» لأنّ معنى لولا أخرتني فأصّدّق ومعنى إن أخّرتني أصّدّق واحد. وفي المنصوب نحو قام القوم غير زيد وعمروا بالنصب فإنّ غير زيد في موضع إلّا زيدا. قال سيبويه: إنّ من الناس من يغلطون فيقولون إنّهم أجمعون ذاهبون، وإنّك وزيد ذاهبان وذلك أنّ معناه معنى الابتداء. ومراده بالغلط ما عبّر عنه غيره بالتوهّم. وفي المنصوب اسما نحو قوله تعالى: وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ «٢» فيمن فتح الباء كأنّه قيل وهبنا له إسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب، وفعلا كقراءة بعضهم: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ «٣» حملا على معنى ودّوا أن تدهن. وفي المركّبات كما قيل في قوله تعالى أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ «٤» إنّه على معنى أرأيت كالذي حاجّ وكالذي مرّ، انتهى ما في المغني.

فائدة:

عطف الاسمية على الفعلية وبالعكس فيه ثلاثة مذاهب، الجواز مطلقا والمنع مطلقا والجواز في الواو فقط.

فائدة:

عطف الخبر على الإنشاء وبالعكس منعه البيانيون وابن مالك وابن عصفور «٥» ونقله عن الأكثرين وأجازه الصفار «٦» وجماعة، ووفّق الشيخ بهاء الدين السبكي «٧» بينهما وحاصله أنّ


(١) المنافقون/ ١٠
(٢) هود/ ٧١
(٣) القلم/ ٩
(٤) البقرة/ ٢٥٩
(٥) علي بن مؤمن بن محمد الحضرمي الاشبيلي، أبو الحسن المعروف بابن عصفور، ولد في اشبيلية ٥٩٧ هـ/ ١٢٠٠ م وتوفي في تونس عام ٦٦٩ هـ/ ١٢٧١ م. حمل لواء اللغة العربية في عصره وله الكثير من المؤلفات اللغوية الهامة. الاعلام ٥/ ٢٧، فوات الوفيات ٢/ ٩٣، شذرات الذهب ٥/ ٣٣٠، عنوان الدراية ١٨٨.
(٦) هو قاسم بن علي بن محمد بن سليمان الانصاري البطليوسي الشهير بالصّفار. توفي بعد عام ٦٣٠ هـ/ ١٢٣٣ م. عالم بالنحو وله عدة مؤلفات. الاعلام ٥/ ١٧٨، بغية الوعاة ٣٧٨.
(٧) هو أحمد بن علي بن عبد الكافي، ابو حامد بهاء الدين السبكي، ولد عام ٧١٩ هـ/ ١٣١٩ م وتوفي قرب مكه عام ٧٦٣ هـ/ ١٣٦٢ م. فاضل عالم له عدة مؤلفات. الاعلام ١/ ١٧٦، البدر الطالع ١/ ٨١، الدرر الكامنة ١/ ٢١٠.