للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الإثم إلّا بأن ينكر بلسانه، فإن خاف فبقلبه، وإن قدر على قطع الكلام بكلام آخر أو على القيام فلم يفعل لزمه الإثم، وإن قال بلسانه أسكت وهو يشتهي بقلبه فذلك نفاق ولا يخرج من الإثم ما لم يكرهه بقلبه. ويرخّص للمتظلّم أن يذكر ظلم الظالم عند سلطانه ليدفع ظلمه.

فأمّا عند غير السلطان وغير من يعين على الدفع فلا كذا في شرح الأوراد «١». رجل اغتاب أهل قرية لم يكن غيبة حتى يسمّي قوما بعينه كذا في الظهيرية. سئل بعض المتكلّمين عن الغيبة فقال إنّما يكون غيبة إذا قصد به الإضرار والشماتة.

وأمّا إذا ذكر ذلك تأسّفا لا يكون غيبة. والغيبة في حقّ الفاسق المعلن لا يكون غيبة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من ألقى جلباب الحياء عن وجهه فلا غيبة) «٢». وعنه عليه الصلاة والسلام: (أذكر الفاجر بما فيه كي يحذر الناس) «٣». وأمّا إذا كان فاسقا مختفيا مستترا فلا تعلنوه ويكون غيبة، وإن ذكر على وجه التعريف لا يكون غيبة كذا في المطالب. ويكفي الندم والاستغفار في الغيبة. وإن بلغه فالطريق أن يأتي المغتاب عنه ويستحلّ وإن تعذّر بموته أو بغيبته البعيدة استغفر الله، ولا اعتبار بتحليل الورثة كذا في الكاشف «٤». وفي الروضة الزندويسية «٥» وقال رحمه الله: سألت أبا محمد رحمه الله تعالى فقلت له إذا تاب صاحب الغيبة قبل وصولها إلى المغتاب عنه هل ينفعه توبته؟

قال نعم: يغفر الله تعالى فإنّه تاب قبل أن يصير الذنب ذنبا لأنّه إنّما يصير ذنبا إذا بلغت إليه فإن بلغت إليه بعد توبته لا تبطل توبته، بل يغفر الله تعالى لهما جميعا، المغتاب بالتوبة والمغتاب عنه من الشفقة. وسئل أبو القاسم رحمه الله تعالى عن رجل اغتاب رجلا ثم استغفر الله تعالى فقال: لا يغفر له حتى يغفر له صاحبها.

قال أبو الليث رحمه الله تعالى، إن بلغ الرجل الخبر أنّ هذا قد اغتابه فلا بدّ له من أن يستحلّ منه وإن لم يكن بلغه الخبر فإنّه يستغفر الله


(١) ورد في فهرس هرات شرح الاوراد المعروف بالحنفية وجاء ص ٢١٨ من الكتاب نفسه شرح الارواح ولعلّه تصحيف أو خطأ مطبعي.
مكتبة متحف هرات، سلسلة فهارس المكتبات الخطية النادرة، مخطوطات افغانستان، اعداد دلو جيردي بورسيل، القاهرة ١٩٦٤، مركز الخدمات والابحاث الثقافية، بيروت لبنان.
وهذا الكتاب على ندرته هو ما وجد في مسائل الفقه. لكن وجدت كتب أخرى باسم شرح الاوراد يتعلق مضمونها بالتصوف وهي:
الاوراد الزينية للشيخ زين الدين محمد بن محمد الحافي (- ٨٣٨ هـ) ولها شروح منها شرح علاء الدين علي القوج حصاري (- ٨٤١ هـ).
والاوراد الفتحية للشيخ السيد علي بن شهاب الهمذاني ولها شروح. كشف الظنون، ١/ ٢٠٠ - ٢٠١.
(٢) البيهقي، السنن الكبرى، كتاب الشهادات، باب الرجل من أهل الفقه يسأل، ١٠/ ٣١٠. دون لفظ (عن وجهه).
(٣) عزاه العجلوني في كشف الخفاء، ح ٣٠٥، ١/ ١١٤، إلى ابن أبي الدنيا وابن عدي عن معاوية بن حيده بلفظ: اذكروا الفاجر بما فيه يحذره الناس.
ورواه البيهقي في السنن، كتاب الشهادات، باب الرجل من أهل الفقه يسأل عن الرجل من أهل الحديث، ١٠/ ٣٣٨.
(٤) الكاشف الذهني شرح المغني، في مجلدين، لمحمد بن احمد التركماني الحنفي (- ٧٥٠ هـ). وهو شرح على المغني في أصول الفقه للشيخ جلال الدين عمر بن محمد الخبازي (- ٦٧١ هـ) كشف الظنون ٢/ ١٧٤٩.
(٥) روضة العلماء للشيخ أبي علي حسين بن يحي البخاري الزندويسي الحنفي (٥٠٥ هـ/ ١١١١ م)
كشف الظنون ٢/ ٩٢٨. المخطوطات العربية في مكتبة متحف مولانا في قونية، اعداد مركز الخدمات والابحاث الثقافية، بيروت، عالم الكتب، ١٤٠٧ هـ/ ١٩٨٦ م ص ١٣٢.