للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الذي لا يسأل ولا يردّ ولا يتجسّس. قال عبد الله الأنصاري: «١» الفقر على ثلاثة أوجه:

اضطراري واختياري وحقيقي. والاضطراري كفارتي وعلامته الصّبر، وعقوبتي وعلامته الاضطرار، وقطيعتي وعلامته الشّكاية.

والاختياري درجتي وعلامته القناعة، وقربتي وعلامته الرضا، وكرامتي وعلامته الإيثار.

والحقيقي أيضا ثلاثة عدم الاحتياج إلى الخلق والاحتياج من الله والبراءة من كلّ ما دون الله.

وفي شرح الآداب: الفقر غير التصوّف فإنّ نهاية الفقر بداية التّصوف، كذا في خلاصة السلوك.

وفي التحفة المرسلة الغنى المطلق عندهم هو مشاهدة الله تعالى في نفسه جميع الشئون والاعتبارات الإلهية مع أحكامها ولوازمها على وجه كلّي جملي لاندراج الكلّ في بطون الذات ووحدته، كاندراج الأعداد في الواحد العددي، ويجيء في لفظ الكمال أيضا. ويقول في مجمع السلوك: إنّ ابن جلا قال: إنّ حقيقة الفقر هو ألّا يكون لك شيء. وإذا كان فلا تبال به.

ومعنى هذا الكلام، والله أعلم: هو ألّا تطلب غير الموجود، فإن وجد شيء فلا تطمئن إليه، حتى يستوي لديك الفقدان والوجدان. وإذا، فالفقر، عبارة عن العدم.

فائدة:

الفرق بين الفقر والزهد هو أنّه لو كان للفقير عدة أحذية، ففقره ليس تاما. وإن لم يوجد لديه أيّ سبب، ولكن نظره على حيلته وقوته واقع. ويظن أنّه يستطيع الحصول على بعض الأشياء بالحيلة أو بالقوّة ففقره أيضا ليس تاما. وأمّا إذا صدر منه النداء: لا حول ولا قوة، أي لا حيلة عندي، فإن وصل لهذا الحدّ ففقره صار تاما. وهذا بخلاف الزّهد الذي هو مجرّد ترك الحظوظ الفانية، وذلك على أمل إدراك النّعم والحظوظ الباقية. وهذا ما يقول له أهل المعرفة: بيع وشراء وسلم، انتهى كلامه.

ويقول في كشف اللغات: الفقر عند السّالكين عبارة عن الفناء في الله، وما تفضّلوا به أنّ الفقر سواء الوجه في الدارين، عبارة عن أنّ السّالك قد فني بكلّيته في الله بصورة لا يبقى منه في ظاهره ولا باطنه لا دنيا ولا آخرة. ويرجع إلى العدم الأصلي والذاتي، وذلك هو الفقر الحقيقي. ومن هنا قولهم: ثمّ الفقير فهو الله.

لأنّ هذا المقام هو إطلاق ذات الحقّ. وهنا غير اعتباري ولا استيعابي. وسواد الوجه هذا هو سواد أعظم، لأنّ السّواد الأعظم هو: كلما يطلبونه يكون فيه. وكلّما هو مفصّل في جميع الموجودات فهو في هذه المرتبة بطريق الإجمال كالشّجر في النواة، انتهى كلامه. ويقول في لطائف اللغات: الفقر بطور الصوفية مرادف للعشق. وقد مرّ بيان الفرق بين الفقر والتصوف في لفظة التصوف «٢».


(١) هو عبد الله بن محمد بن علي الانصاري الهروي، ابو اسماعيل، ولد عام ٣٩٦ هـ/ ١٠٠٦ م. وتوفي عام ٤٨١ هـ/ ١٠٨٩ م.
شيخ خراسان في عصره، من كبار الحنابلة، بارع في اللغة حافظ للحديث، عارف بالتاريخ والانساب، من انصار السنة، له الكثير من الكتب. الاعلام ٤/ ١٢٢، الذيل على طبقات الحنابلة ١/ ٦٤، بروكلمان ١/ ٧٧٣.
(٢) ودر مجمع السلوك گويد كه ابن جلا گفته كه حقيقت فقر آنست كه ترا نباشد واگر باشد هم ترا نباشد معنى آنست والله اعلم كه تا نباشد ترا ميل وطلب نباشد چون يافتى بر موجود اعتماد نباشد تا حال وجود وحال عدم يكسان باشد پس فقر عبارت از نيستى است. فائدة: فرق ميان فقر وزهد آنست كه اگرچند سر موى در ملك فقير باشد فقر او تمام نبود واگر هيچ سبب بروي يافته نشود نظر وى بر حيله وقوت خود افتد وگمان برد كه به واسطه حيله وقوت خود چيزى حاصل تواند كرد فقر وى هم تمام نبود واگر از وى ندا بر آيد كه لا حول ولا قوة يعنى چاره ندارم چون بدين حد رسد فقر وى تمام بود بخلاف زهد كه اين مجرد ترك حظوظ ونصيب فاني است بر اميد يافت نعمت وحظوظ باقى وآن را اهل معرفت بيع وشرا وسلم گويند انتهى كلامه. ودر كشف اللغات ميگويد فقر نزد سالكان عبارت از فنا في الله است وآنچهـ فرموده اند كه الفقر سواد الوجه في الدارين عبارت از آنست كه سالك بالكلية فانى في الله ميشود به حيثيتى كه او را در ظاهر وباطن دنيا وآخرت را وجود نماند-