للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والصدري «١» في بيان إثبات الهيولى.

وعند السالكين هو مرادف للوصال والوصول كما عرفت. وعند المحدّثين هو عدم سقوط راو من رواة الحديث ومجيء إسناده متّصلا، ويسمّى ذلك الحديث متّصلا وموصولا، هكذا في ترجمة المشكاة «٢»، وهو يشتمل المرفوع والموقوف والمقطوع وما بعده. وقال القسطلاني «٣» والموصول ويسمّى المتّصل هو ما اتّصل سنده رفعا أو وقفا، لا ما اتّصل للتابعي.

نعم يسوغ أن يقال متّصل إلى سعيد بن المسيّب «٤» أو إلى الزهري «٥» مثلا انتهى. فلا يشتمل حينئذ المقطوع وما بعده. وسيجيء ما يتعلّق بهذا في لفظ المسند.

وعند المنطقيين هو ثبوت قضية على تقدير قضية أخرى كما وقع في شرح المطالع.

فالمتصلة عندهم قضية شرطية حكم فيها بوقوع الاتصال أو بلا وقوعه، أي حكم فيها بوقوع اتصال قضية بقضية أخرى وهي الموجبة، أو نفيه بلا وقوع ذلك الاتصال وهي السّالبة.

ويقابل الاتصال الانفصال وهو عدم ثبوت قضية على تقدير أخرى. وسيجيء في لفظ الشرطية.

وعند الحكماء هو كون الشيء بحيث يمكن أن يفرض له أجزاء مشتركة في الحدود.

والحدّ المشترك بين الشيئين هو ذو وضع يكون نهاية لأحدهما وبداية لآخر كما مرّ في محله.

ومعنى الكلام أنه يكون بحيث إذا فرض انقسامه يحدث حدّ مشترك بين القسمين كما إذا فرض انقسام الجسم يحدث سطح هو حدّ مشترك بين قسميه. والمتّصل بهذا المعنى يطلق على ثلاثة أمور. الأول فصل الكمّ يفصله من الكم المنفصل الذي هو العدد. الثاني الصورة الجسمية لأنها مستلزمة للجسم التعليمي المتّصل فسمّيت به تسمية للملزوم باسم اللّازم. الثالث الجسم الطبعي وإنما يطلق عليه المتّصل لأنه لمّا أطلق المتّصل على الصورة الجسمية والمتصل معناه ذو الاتصال، وكانت الصورة ذات الجسم التعليمي، أطلق الاتصال على الجسم التعليمي.

وإذا أطلق الاتصال على الجسم التعليمي أطلق الاتصال على الصورة أيضا إطلاقا لاسم اللّازم على الملزوم. ولما أطلق الاتصال على الجسم التعليمي وعلى الصورة الجسمية أطلق المتّصل على الجسم الطبيعي لأنه ذو الاتصال حينئذ.

هكذا يستفاد من شرح الإشارات والمحاكمات والصدري في بيان إثبات الهيولى.


- المطبوعات ٩١٩.
(١) الصدري أو شرح وقاية الرواية في مسائل الهداية لصدر الشريعة الثاني عبيد الله بن مسعود المحبوبي (- ٧٥٠ هـ). وقد فرغ من وضعه سنة ٧٤٣ هـ، وقد سمي الصدري لغلبة نعته على شرحه حتى صار اسما للشرح. كشف الظنون ٢/ ٢٠٢١.
(٢) مشكاة المصابيح لولي الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله الخطيب كمّل فيه مصابيح السنة للحسين بن مسعود الفراء البغوي (- ٥١٦ هـ/ ١١٢٢ م). كشف الظنون ٢/ ١٦٩٨ - ١٧٠٠.
(٣) القسطلاني: هو محمد بن أحمد بن علي القيسي الشاطبي، أبو بكر، قطب الدين التوزري القسطلاني. ولد بمصر عام ٦١٤ هـ/ ١٢١٨ م وتوفي بالقاهرة عام ٦٨٦ هـ/ ١٢٨٧ م. عالم بالحديث ورجاله، كما تولى مشيخة دار الحديث الكاملية بالقاهرة. له العديد من المصنفات الهامة. الاعلام ٥/ ٣٢٣، طبقات الشافعية ٥/ ١٨، فوات الوفيات ٢/ ١٨١، شذرات الذهب ٥/ ٣٩٧، النجوم الزاهرة ٧/ ٣٧٣، التاج ٨/ ٨٠.
(٤) هو سعيد بن المسيّب بن حزن بن أبي وهب المخزومي القرشي، أبو محمد ولد عام ١٣ هـ/ ٦٣٤ م وتوفي بالمدينة عام ٩٤ هـ/ ٧١٣ م، سيد التابعين، وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة، جمع بين الحديث والفقه والزهد والورع. الاعلام ٣/ ١٠٢، طبقات ابن سعد ٥/ ٨٨، وفيات الاعيان ١/ ٢٠٦، صفة الصفوة ٢/ ٢٤، حلية الاولياء ٢/ ١٦١.
(٥) هو محمد بن أحمد بن سليمان بن ابراهيم الزهري الاندلسي الإشبيلي، ابو عبد الله. ولد بمالقة بالأندلس وتوفي شهيدا عام ٦١٧ هـ/ ١٢٢٠ م. عالم بالأدب، والنحو والتفسير. طاف كثيرا في البلاد، وله عدة مصنفات. الاعلام ٥/ ٣٢٠، معجم المفسرين ٢/ ٤٧٦، نفح الطيب ١/ ٤٣٠، الصلة ٢/ ٥٦٣.