إلى غير النهاية. واعترض عليه بأنّ أقليدس صرّح بأنّ الخطوط المتوازية لا يلزم أن يكون جميعها في سطح واحد، فالتقييد بالسطح الواحد مخلّ بجامعية التعريف. ولا يخفى أنّه لو لم يقيّد بذلك لزم أن يكون كلّ خط واقع في أحد السطحين المتوازيين متوازيا لكلّ خط واقع في السطح الآخر إذ هما لا يتلاقيان، ولو أخرجا إلى غير النهاية. وفي السطوح المستوية ويراد به كونها على وضع لا تتلاقى وإن أخرجت في الجهات إلى غير النهاية. اعلم أنّ الإخراج في الخطوط المستقيمة هو إخراجها على الاستقامة، وفي السطوح المستوية هو إخراجها على الاستواء وذلك معلوم من إطلاقات أهل الهندسة، فلا يرد ما قيل ينبغي أن يقيّد الإخراج بالاستقامة والاستواء. وقد يطلق التوازي في الخطوط الغير المستقيمة والسطوح الغير المستوية، ومعناه أنّ البعد بينهما واحد من جميع الجهات لا يختلف أصلا، والبعد هو الخط الواصل بين الشيئين الذي لا أقصر منه، فالبعد بين الخطين المستديرين والسطحين المستديرين هو الواقع بينهما من الخط المار بمركزهما، والبعد بين السطحين المتوازيين المستويين أو الخطين المستقيمين المتوازيين هو ما يكون عمودا عليهما. والمراد من قولنا واحد من جميع الجهات الوحدة النوعية لا الشخصية. ولو قيل من جميع الأجزاء لكان أظهر في المقصود. وقال القاضي في الچغميني: لو اكتفى في تفسير التوازي مطلقا على هذا المعنى لكفى لأنّ الأبعاد بين الخطوط المتوازية المستقيمة والسطوح المستوية المتوازية من جميع الجهات واحد، إذ لو كان البعد في إحدى الجهتين أقصر من البعد في الجهة الأخرى لتلاقيا في تلك الجهة بعد الإخراج كما تقرر في الهندسة، فلا يكونان متوازيين. هكذا يستفاد من شروح الملخص والتذكرة ومما ذكره عبد العلي البرجندي في تصانيفه.
الموازنة:
[في الانكليزية] Equilibrium
[ في الفرنسية] Equilibre
هي عند أهل البديع من المحسّنات اللفظية وهي تساوي الفاصلتين أي الكلمتين الأخيرتين من الفقرتين أو المصراعين في الوزن دون التقفية. ففي النّثر نحو نمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة، فلفظا مصفوفة ومبثوثة متساويان وزنا لا تقفية لأنّ الأول على الفاء والثاني على الثاء إذ لا عبرة بتاء التأنيث على ما تقرّر. وفي النظم نحو:
هو الشمس قدرا والملوك كواكب هو البحر جودا والكرام جداول ثم الظاهر من قولهم دون التقفية إنّه يجب في الموازنة أن لا تتساوى الفاصلتان في التقفية البتّة، وحينئذ يكون بينها وبين السجع تباين، ويحتمل أن يراد أنّه يشترط فيها التساوي في الوزن ولا يشترط التساوي في التقفية وحينئذ يكون بينهما عموم من وجه لتصادقهما في مثل سرر مرفوعة وأكواب موضوعة، وصدق الموازنة بدون السجع في مثل نمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة، وبالعكس في مثل ما لكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا. وأمّا ما ذكره ابن الأثير من أنّ الموازنة هي تساوي فواصل النثر وصدر البيت وعجزه في الوزن لا في الحرف الأخير كما في السجع، فكلّ سجع موازنة وليس كلّ موازنة سجعا، فمبني على أنّه يشترط في السجع تساوي الفاصلتين وزنا ولا يشترط في الموازنة تساويهما في الحرف الأخير، كشديد وقريب ونحو ذلك. ثم إنّه بعد تساوي الفاصلتين وزنا دون تقفية إن كان ما في إحدى القرينتين من الألفاظ أو أكثر ما في إحداهما مثل ما يقابله من القرينة الأخرى في الوزن سواء كان مثله في التقفية أو لم يكن، خصّ هذا