للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ «١» الآية، النّذر ما التزمه الإنسان بإيجابه على نفسه. يقال نذر ينذر، وأصله من الخوف لأنّ الإنسان إنّما يفقد على نفسه خوف التقصير في الأمر المهم عنده.

ونذرت القوم أنذارا بالتخويف. وفي الشريعة على ضربين: مفسّر وغير مفسّر. فالمفسر أن يقول نذرت لله عليّ عتق رقبة ولله عليّ حجّ، فههنا يلزم الوفاء به ولا يجزيه غيره. وغير المفسّر أن يقول نذرت لله على أن لا أفعل كذا ثم يفعله، أو يقول لله عليّ نذر من غير تسميته فيلزم فيه كفارة يمين لقوله عليه الصلاة والسلام: «من نذر نذرا وسمّى فعليه ما سمّى، ومن نذر نذرا ولم يسمّ فعليه كفارة يمين» «٢» انتهى. وفي جامع الرموز في فصل الاعتكاف النّذر إيجاب على النفس مما ليس عليها بالقول ولو اكتفى بالقلب لم يلزمه. وفي البحر الرائق وحواشي الهداية ما حاصله أنّ الأصل أنّ النّذر لا يصحّ إلّا بشروط: منها أن يكون الواجب من جنسه شرعا فلم يصح النّذر بعيادة المريض وتشييع الجنازة. ومنها أن يكون مقصودا لا وسيلة فلم يصح النّذر بالوضوء وسجدة التلاوة والاغتسال ودخول المسجد ومسّ المصحف والأذان وبناء الرباطات والمساجد وغير ذلك لأنّها قربات غير مقصودة. ومنها أن لا يكون واجبا في الحال وثاني الحال فلم يصح بصلاة الظهر وغيرها من المفروضات. ومنها أن لا يكون مستحيل الكون، فلو نذر صوم أمس أو اعتكاف شهر مضى لم يصح نذره به. ومنها أن لا يكون النّذر بمعصية فإنّه يحرم عليه الوفاء به ولا بمباح فلا يلزم الوفاء بنذر مباح من أكل وشرب ولبس وجماع وطلاق. ومنها أن يكون لله تعالى لا للمخلوق فلم يصح إذا قال لبعض الصلحاء يا سيدي فلان إن ردّ غائبي أو عوفي مريضي أو قضيت حاجتي فلك من الطعام أو الذهب كذا فإنّه باطل لكونه نذرا للمخلوق، اللهم إلّا إن قال يا الله إني نذرت لك إن شفيت مريضي أو رددت غائبي وقضيت حاجتي أن أطعم الفقراء الذين بباب الإمام الشافعي أو الإمام أبي الليث «٣» ونحو ذلك مما يكون فيه نفع للفقراء والنذر لله تعالى، ومصرف النذر هو الفقير. فما يوجد من الدراهم والشمع والزيت وغيرها وينقل إلى قبور الأولياء تقربا إليهم فحرام بإجماع المسلمين ما لم يقصدوا بصرفها إلى الفقراء الأحياء قولا واحدا.

النّزاع اللّفظي والمعنوي:

[في الانكليزية] Conflict between literal and moral

[ في الفرنسية] Conflit entre litteral et moral

قد ذكرا في لفظ الجسم.

النّزاهة:

[في الانكليزية] Probity ،satire without coarseness

[ في الفرنسية] Probite ،satire sans grossierte

بالفتح وتخفيف الزاء المعجمة عند البلغاء هي خلوص ألفاظ الهجاء من الفحش حتى يكون كما قال أبو عمرو بن العلاء «٤» وقد سئل عن أحسن الهجاء هو الذي إذا أنشدته العذراء في خدرها لا يقبح عليها، ومنه قوله تعالى


(١) البقرة/ ٢٧٠
(٢) ذكره الزيلعي، نصب الراية، كتاب الايمان، باب ما يكون يمينا وما لا يكون يمينا، ٣/ ٣٠٠.
(٣) هو الامام نصر بن محمد بن أحمد بن ابراهيم السمرقندي، أبو الليث، الملقب بإمام الهدى، توفي عام ٣٧٣ هـ/ ٩٨٣ م.
علامة فقيه، حنفي، زاهد صوفي، له تصانيف كثيرة ومشهورة. الاعلام ٨/ ٢٧، الفوائد البهية ٢٢٠، الجواهر المضية ٢/ ١٩٦، مفتاح الكنوز ١٣٠، كشف الظنون ٢٢٥.
(٤) هو زبّان بن عمار التميمي المازني البصري، ابو عمرو، ويلقّب ابوه بالعلاء، ولد بمكة عام ٧٠ هـ/ ٦٩٠ م وتوفي بالكوفة عام ١٥٤ هـ/ ٧٧١ م. من أئمة اللغة والأدب، وأحد القراء السبعة. له أخبار وأقوال مأثورة.
الأعلام ٣/ ٤١، غاية النهاية ١/ ٨٨، فوات الوفيات ١/ ١٦٤، وفيات الأعيان ١/ ٣٨٦.