نحو المحسوس. وحاصله أنّ اختراعها لا يكون من الأمور المحسوسة أي المدركة بالحواس الظاهرة بل اختراعا صرفا على نحو المحسوسات أي بحيث لو أدرك لكان مدركا بالحواس الظاهرة، يعني لو وجد ذلك الأمر الوهمي في الخارج لكان مدركا بإحدى الحواس الظاهرة، كما إذا سمع أنّ الغول شيء يهلك الناس كالسبع فأخذت المتخيّلة في تصويرها بصورة السبع واختراع ناب لها كما للسبع، وبهذا المعنى أطلق في باب التشبيه حيث قسّموه بأنّ طرفاه إمّا حسّيان أو عقليان أو مختلفان كما في المطول والأطول. وقد سبق بيانه في لفظ الخيالي أيضا. فالوهمي على هذا ما لا يدرك بإحدى الحواس الظاهرة لعدم وجوده في الخارج ولا في نفس الأمر، لكنه لو وجد في الخارج لا يدرك إلّا بإحدى تلك الحواس الظاهرة بخلاف الوهمي بالمعنى الأول فإنّه موجود في نفس الأمر ولا يمكن أن يدرك بإحداها. ثم الوهميات كما تطلق على المعاني الجزئية المدركة بالوهم وعلى الأمور المخترعة بالقوة المتخيّلة كذلك تطلق على القضايا التي يحكم بها الوهم. فإن حكمت الوهم في الأمور المحسوسة كما إذا حكمت بحسن الحناء وقبح السواد كان حكمها صادقا في الجملة لأنّ الوهم تدرك الجزئيات المنتزعة من المحسوسات، فهي تابعة للحسّ. فإذا حكمت على المحسوسات بأحكامها كان حكمها صحيحا بشرط شهادة العقل لها لا مطلقا فإنّها قد تحكم بعداوة من لا عداوة له، فمثل هذه الوهميات تعدّ من المقدمات اليقينية الضرورية. وإن حكمت على الأمور الغير المحسوسة بأحكام المحسوسات كان حكمها كاذبا كالحكم بأنّ كلّ موجود مشار إليه وأنّ وراء العالم فضاء لا يتناهى، ومثل هذه الوهميات تعدّ في المقدّمات الظّنّية، هكذا في شرح المواقف وغيره.