للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفلسفة وتصوفا وغير ذلك. وهو الذي نشأ في بيت علم حيث كان والده من كبار العلماء، لقّب بقطب الزمان. ولاقت الأسرة والابن ضمنها تبجيل وتقدير المجتمع لنسبها إلى الفاروق عمر رضي الله عنه، ممّا عكس نفسه على تنشئة الولد النابه، فزاده ذلك دافعا وزخما.

والمتتبّع للحركة العلمية التي سادت الهند آنذاك، يجد أنّ هذه الحركة عميقة الجذور متأصلة في التربة منذ أيام الغزنويين قبل عدة قرون، حيث انتشرت المعاهد العلمية وتأسّست المدارس، ولا سيما ما أنشأه السلطان محمود في غزنة. أضف إلى ذلك اهتمام السلاطين المتتابع في المكتبات وإعلاء دورها وتأثيرها، ممّا وفّر المصادر والمراجع الكثيرة بين أيدي طلاب العلم والعلماء.

في هذا الجو المفعم بالزاد والنشاط العلميين عاش التهانوي، فنهل من ينابيع المعرفة وبحار العلم. وجال على الحواضر يلتقي العلماء ويستمع إليهم يأخذ عنهم وينكب على بحثه. فلا عجب إن أورد في تقديمه الكشاف فيما أورد: «لما فرغت من تحصيل العلوم العربية والشرعية من حضرة جناب أستاذي ووالدي، شمّرت عن ساق الجد إلى اقتناء ذخائر العلوم الحكمية الفلسفية من الحكمة الطبيعية والالهية والرياضية كعلم الحساب والهندسة والهيئة والأسطرلاب ونحوها. فلم يتيسر لي تحصيلا من الأساتذة فصرفت شطرا من الزمان إلى مطالعة مختصراتها الموجودة عندي، فكشفها الله عليّ، فاقتبست منها المصطلحات أو ان المطالعة وسطّرتها على حدة في كل باب يليق بها ... ».

وما ان نشر كتاب الكشاف واطلع عليه الباحثون والمؤرخون حتى انبروا إلى تقريظ التهانوي والثناء عليه بعبارات المدح وصيغ التبجيل. ومما قالوا عنه: باحث هندي «١»، لغوي «٢»، كان إماما بارعا عالما في العلوم «٣» ومصطلحاتها «٤». والتهانوي مصنّف الكشاف حسنة من حسنات الاسلام الهندي «٥».

وبعد الاطلاع على موسوعة الكشاف لا يسعنا القول أمام هذا الانجاز العظيم


(١) الاعلام، ٦/ ٢٩٥.
(٢) معجم المؤلفين، ١١/ ٤٧.
(٣) دائرة المعارف ٦/ ٢٤٦.
(٤) حركة التأليف باللغة العربية في الاقليم الشمالي الهندي، ص ١٦٨.
(٥) مقدمة الكشاف، ط الهند، ص و.

<<  <  ج: ص:  >  >>