للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلنا بحرفية ما المصدرية. وفي هذا النوع يقال الموصول وصلته في موضع كذا لأنّ الموصول حرف فلا إعراب له لا لفظا ولا تقديرا.

السابعة التابعة لما لا محلّ له نحو قام زيد ولم يقم عمرو إن قدّرت الواو للعطف دون الحال، ولم يثبت عند الجمهور وقوع البيان والبدل جملة كذا ذكر في المغني. وقال شارحه: قد أجازوا في قوله تعالى وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ، وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ «١» أن يكون جملة أمدكم الثانية بدلا من جملة أمدّكم الأولى، وأجازوا في قول الشاعر:

أقول له ارحل لا تقيمنّ عندنا.

أن يكون لا تقيمن بدلا من ارحل، ولم أر من انتقد ذلك بأنه خلاف مذهب الجمهور، فينبغي تحرير النقل في ذلك انتهى كلامه.

تم صاحب المغني لم يتعرّض للتأكيد والوصف لظهور أمرهما فإنّ التأكيد في الجمل لا خفاء في جوازه نحو زيد قائم زيد قائم، والوصف لا خفاء في امتناعه يشهد بذلك تعريفه. والجمل التي لها محل من الإعراب أيضا سبع. الأولى الواقعة خبرا سواء كان خبرا لمبتدإ أو خبر كان وأنّ ونحو ذلك ومحلّها بحسب اقتضاء العامل من الرفع والنصب. الثانية الواقعة حالا نحو وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ «٢».

الثالثة الواقعة مفعولا ومحلها النصب إن لم تنب عن الفاعل، وهذه النيابة مختصّة بباب القول، نحو ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ «٣» لأنّ الجملة التي يراد بها لفظها تنزّل منزلة الأسماء المفردة. قيل وتقع أيضا في الجملة المقرونة بمعلّق نحو علم أقام زيد. وأجاز هؤلاء وقوع هذه فاعلا، وحملوا عليه قوله تعالى: وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ «٤»، والصواب خلاف ذلك. وعلى قول هؤلاء فتزاد في الجمل التي لها محل الجملة الواقعة فاعلا.

وتقع الجملة مفعولا في ثلاثة أبواب. أحدها باب ظنّ وأعلم. وثانيها باب التعليق وذلك غير مختص بباب ظن وأعلم، بل هو جائز في كل فعل قلبيّ. ولهذا انقسمت هذه الجملة إلى ثلاثة أقسام: الأول أن تكون في موضع مفعول مقيّد بالجار نحو أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ «٥» فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً «٦» ويَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ «٧» لأنّه يقال فكرت فيه ونظرت فيه وسألت عنه، ولكنها علّقت هاهنا بالاستفهام عن الوصول في اللفظ إلى المفعول، وهي من حيث المعنى مطالبة «٨» على معنى ذلك الحرف. وزعم ابن عصفور «٩» أنّه لا يعلق فعل غير علم وظن حتى يضمّن معناهما، وعلى هذا فتكون هذه الجملة سادّة مسدّ مفعولين. والثاني أن تكون في موضع المفعول المصرّح نحو


(١) الشعراء/ ١٣٢ - ١٣٣ - ١٣٤.
(٢) المدّثر/ ٦.
(٣) المطففين/ ١٧.
(٤) إبراهيم/ ٤٥.
(٥) الأعراف/ ١٨٤.
(٦) الكهف/ ١٩.
(٧) الذاريات/ ١٢.
(٨) طالبة (م، ع).
(٩) هو علي بن مؤمن بن محمد الحضرمي الإشبيلي، أبو الحسن المعروف بابن عصفور. ولد باشبيلية في الأندلس عام ٥٩٧ هـ/ ١٢٠٠ م. وتوفي بتونس عام ٦٦٩ هـ/ ١٢٧١ م. إمام اللغة والنحو في عصره. له الكثير من المؤلفات الهامة في النحو والصرف وغيرها. الأعلام ٥/ ٢٧، فوات الوفيات ٢/ ٩٣، شذرات الذهب ٥/ ٣٣٠، عنوان الدراية ١٨٨، كشف الظنون ١٨٢٢.