عرضت للإنسان بقي على الحالة التي أدركته عليها إما جالسا أو قائما، كذا في بحر الجواهر.
الجنّ:
[في الانكليزية] Djinn ،jinn ،demon
[ في الفرنسية] Dijinn ،demon
بالكسر وتشديد النون بمعنى پري «١»، وهو خلاف الإنس. الواحد منه جنّي بكسرتين كذا في الصّراح. وفي تهذيب الكلام زعم الحكماء أنّ الملائكة هم العقول المجرّدة والنفوس الفلكية والجنّ أرواح مجرّدة لها تصرف في العنصريات، والشيطان القوّة المتخيلة. ولا يمتنع ظهور الكل أي الملائكة والجنّ والشياطين على بعض الأبصار وفي بعض الأحوال انتهى.
اعلم أنّ الناس قديما وحديثا اختلفوا في ثبوت الجنّ ونفيه. وفي النقل الظاهر عن أكثر الفلاسفة إنكاره وذلك لأنّ أبا علي بن سينا قال: الجنّ حيوان هوائي يتشكّل بأشكال مختلفة. ثم قال: وهذا شرح الاسم. فقوله وهذا شرح الاسم يدل على أنّ هذا الحدّ شرح للمراد من هذا اللفظ وليس لهذه الحقيقة وجود في الخارج. وأمّا جمهور أرباب الملل والمصدّقين بالأنبياء فقد اعترفوا بوجود الجنّ، واعترف به جمع عظيم من قدماء الفلاسفة وأصحاب الروحانيات، ويسمّونها الأرواح السّفلية وزعموا أنّ الأرواح السفلية أسرع إجابة لأنها ضعيفة. وأما الأرواح الفلكية فهي أبطأ إجابة لأنها أقوى.
واختلف المثبتون على قولين: منهم من زعم أنها ليست أجساما ولا حالة فيها، بل جواهر قائمة بأنفسها. قالوا ولا يلزم من هذا تساويها لذات الإله لأنّ كونها ليست أجساما ولا جسمانية سلوب، والمشاركة في السلوب لا تقتضي المساواة في الماهية. وقالوا ثم إنّ هذه الذوات بعد اشتراكها في هذه السلوب أنواع مختلفة بالماهية كاختلاف ماهيات الأعراض بعد اشتراكها في الحاجة إلى المحلّ. فبعضها خيّرة محبة للخيرات وبعضها شريرة محبّة للشرور والآفات. ولا يعرف عدد أنواعهم وأصنافهم إلّا الله تعالى. وقالوا: وكونها موجودات مجرّدة لا يمنع من كونها عالمة بالجزئيات قادرة على الأفعال. وهذه الأرواح يمكنها أن تسمع وتبصر وتعلم الأحوال الجزئية وتفعل الأفعال وتعقل الأحوال المخصوصة. ولما ذكرنا أنّ ماهياتها مختلفة لا جرم لم يبعد في أنواعها أن يكون نوع منها قادرا على أفعال شاقّة عظيمة يعجز عنها قوى البشر ولا يبعد أن يكون لكلّ نوع منها تعلّق بنوع مخصوص من أجسام هذا العالم. وكما أنّه دلت الدلائل الطبيّة أي المذكورة في علم الطب على أنّ المتعلّق الأول للنفس الناطقة أجسام بخارية لطيفة تتولد من ألطف أجزاء الدم وهي المسمّى بالروح القلبي والروح الحيواني، ثم بواسطة تعلّق النفس للأرواح تصير متعلقة بالأعضاء التي تسري فيها هذه الأرواح، لم يبعد أيضا أن يكون لكلّ واحد من هؤلاء الجنّ تعلّق بجزء من أجزاء الهواء ويكون ذلك الجزء من الهواء هو المتعلّق الأول لذلك الروح، ثم بواسطة سريان ذلك الهواء في جسم آخر كثيف يحصل لتلك الأرواح تعلّق وتصرف في تلك الأجسام الكثيفة.
ومن النّاس من ذكر في الجنّ طريقة أخرى فقال: هذه الأرواح البشرية والنفوس الناطقة إذا فارقت أبدانها وازدادت قوة وكمالا بسبب ما في ذلك العالم الروحاني من انكشاف الأسرار الروحانية فإذا اتفق أن حدث بدن آخر مشابه لما كان لتلك النفس المفارقة من البدن، فبسبب تلك المشاكلة يحصل لتلك النفس المفارقة تعلّق