للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحرف الأخير أو سكونه، وإلّا لخرج بعض أقسام الوقف من الوقف، كالحذف والإبدال والزيادة فتدبر. وذكر التقاء الساكنين في الكلمتين والإدغام فيهما استطرادي كذكر الجزئي في علم المنطق، وهذا الجواب مما استخرجته مما ذكروه في هذا المقام. فعلى هذا موضوع الصّرف هو الكلمة من حيث أنّ لها بناء وقد عرفت أنه لا محذور في البحث عن قيد الحيثية إذا كانت بيانا للموضوع، فلا محذور في البحث عن الأبنية في هذا العلم. ويؤيّد هذا ما مرّ في تقسيم العلوم العربية من أنّ الصرف يبحث فيه عن المفردات من حيث صورها وهيئاتها، وكذا ما ذكر المحقق عبد الحكيم في حاشية الفوائد الضيائية من أنّ التصريف والمعاني والبيان والبديع والنحو، بل جميع العلوم الأدبية، تشترك في أنّ موضوعها الكلمة والكلام، إنّما الفرق بينها بالحيثيات، انتهى. وفي شرح الشافية «١» للجار بردي «٢» أنّ موضوعه الأبنية من حيث تعرض الأحوال لها، والأبنية عبارة عن الحروف والحركات والسكنات الواقعة في الكلمة، فيبحث عن الحروف من حيث أنها ثلاثة أو أربعة أو خمسة، ومن حيث أنها زائدة أو أصلية، وكيف يعرف الزائد من الأصلي، وعن الحركات والسكنات من حيث أنها خفيفة أو ثقيلة، فيخرج عن هذا العلم معرفة الأبنية، ويدخل فيه معرفة أحوالها، لأن الصرف علم بقواعد تعرف بها أحوال الأبنية، أي تعرف بها الماضي والمضارع والأمر الحاضر إلى غير ذلك؛ فإنّ جميع ذلك أحوال راجعة إلى أحوال الأبنية، لا إلى نفس الأبنية، انتهى. فعلى هذا إضافة أحوال الأبنية ليست بيانية، ويرد عليه أنّ الماضي ونحوه ليس بناء ولا حال بناء، بل هو شيء ذو بناء كما مرّ، وأضعف منه ما وقع في بعض كتب الصرف من أن موضوعه الأصول والقواعد، حيث قال:

موضوع علم الصّرف هو تلك الأصول المتعدّدة التي بحثوا فيها في هذا العلم، وأثبتوا له أحوالا.

والمراد بالأصول هي تلك المسائل الكلّية التي تتفرّع عنها مسائل جزئية. فمثلا إليك إحدى هذه القواعد الكلية «٣»: إذا اجتمع الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت الأولى في الثانية. وأمّا جزئيّات هذا الأصل فمثل كلمتي مرميّ ومرويّ، فإن أصلهما مرموي، ومرووي، وهذه المسألة الكلية المذكورة جعلت مسألة مستقلة: وهذان المثالان فرعان عن تلك المسألة الكلية التي تحقّقت بالمثالين، حيث لاحظ المتكلم في هذه المسألة الآلة، وإن ذكره الموضوع المشار إليه هو لإثبات الأحوال لذلك الأصل، أي أنه بعبارة أخرى: حيث أنّ الأصل قد تحقّق من خلال الفرع الذي هو مرمي ومروي فهو يصدق عليه «٤». ومباديه حدود ما تبتنى عليه مسائله، كحدّ الكلمة والاسم والفعل والحرف ومقدمات حججها، أي أجزاء علل المسائل، كقولهم: إنما يوقع الإعلال في الكلمة لإزالة الثقل منها، ومسائله الأحكام المتعلّقة بالموضوع، كقولهم: الكلمة إمّا مجرّد أو مزيد،


(١) شرح الشافية لفخر الدين أحمد بن الحسن الجاربردي الشافعي (- ٧٤٦ هـ/ ١٣٤٦ م) وصفه الخوانساري بأنه من أحسن الشروح على الرسالة المذكورة. معجم المطبوعات العربية، ٦٧٠.
(٢) هو أحمد بن الحسن بن يوسف، فخر الدين الجاربردي، توفي سنة ٧٤٦ هـ/ ١٣٤٦ م. فقيه شافعي له العديد من كتب الفقه والأصول، الاعلام ١/ ١١١، البدر الطالع ١/ ٤٧، الدرر الكامنة ١/ ١٢٣، طبقات الشافعية ٥/ ١٦٩، شذرات الذهب ٦/ ١٤٨.
(٣) صرف أن أصول چنديست كه أز وى درين علم بحث كرده اند واثبات احوالات بر وى كرده اند ومراد باصول آن مسائل كليه است كه متفرع شود بر آن مسائل جزئيات أن مسائل مثلا يكى از اصول اين فن اين قاعده كليه است.
(٤) جزئيات وى مثل مرمي ومروي كه در اصل مرموي ومرووي بود كه اين مسأله كليه مذكوره را موضوع عنواني كرده شد كه اين دو مثال فرع آن مسأله كليه است كه آن در ضمن اين دو مثال متحقق شده كه متكلم آن مسأله را آلة