للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أشدها موافقة للغرض وأفصحها. ومهما تردّد المحذوف بين الحسن والأحسن وجب تقدير الأحسن في التنزيل لأنّ الله وصف كتابه بأنه أحسن الحديث.

فائدة:

إذا دار الأمر بين كون المحذوف فعلا والباقي فاعلا وبين كونه مبتدأ والباقي خبرا فالثاني أولى لأنّ المبتدأ عين الخبر، فالمحذوف عين الثابت فيكون حذفا كلا حذف. فأمّا الفعل فإنه غير الفاعل، اللهم إلّا أن يعتضد الأول برد آية «١» أخرى في ذلك الموضع أو بموضع آخر يشبهه. وإذا دار بين كونه مبتدأ وخبرا فقال الواسطي «٢» كونه مبتدأ أولى لأنّ الخبر محط الفائدة. وقال العبدي «٣» الأولى الخبر لأنّ التجوّز في آخر الجملة أسهل. وإذا دار الأمر بين كونه أولا وثانيا فالثاني أولى، ومن ثمّ رجّح أنّ المحذوف في نحو أتحاجّونّي نون الوقاية لا نون الرفع.

فائدة:

في حذف المفعول اختصارا واقتصارا جرت عادة النحاة أن يقولوا بحذف المفعول اختصارا واقتصارا ويريدون بالاختصار الحذف بدليل، وبالاقتصار الحذف بغير دليل، ويمثلونه بنحو كلوا واشربوا أي أوقعوا هذين الفعلين.

والتحقيق أن يقال كما قال أهل البيان تارة يتعلّق الغرض بالإعلام بمجرّد وقوع الفعل من غير تعيين من أوقعه ومن أوقع عليه فيجاء بمصدره مسندا إلى فعل كون عام، فيقال: حصل حريق أو نهب، وتارة يتعلّق بالإعلام بمجرّد إيقاع الفاعل للفعل فيقتصر عليه، ولا يذكر المفعول ولا ينوى لأنّ المنوي كالثابت، ولا يسمّى محذوفا لأنّ الفعل ينزّل لهذا القصد منزلة ما لا مفعول له، ومنه قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ «٤» وتارة يقصد إسناد الفعل إلى فاعله وتعليقه بمفعوله فيذكران. وهذا النوع إذا لم يذكر مفعوله قيل إنه محذوف. وقد يكون في اللفظ ما يستدعيه فيحصل الجزم بوجوب تقديره نحو أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا «٥».

وقد يشتبه الحال في الحذف وعدمه نحو قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ «٦» قد يتوهّم أنّ معناه نادوا فلا حذف، أو سمّوا فالحذف واقع.

فائدة:

اختلف في الحذف فالمشهور أنه من المجاز وأنكره البعض لأنّ المجاز استعمال اللفظ في غير موضعه والحذف ليس كذلك.

وقال ابن عطية «٧» حذف المضاف وهو عين المجاز ومعظمه وليس كل حذف مجازا. وقال الفراء في الحذف أربعة أقسام. قسم يتوقف عليه صحة اللفظ ومعناه من حيث الإسناد نحو


(١) أن يرد (ع). يعتض برواية أخرى (م).
(٢) هو القاسم بن القاسم بن عمر بن منصور، أبو محمد الواسطي. ولد بواسط عام ٥٥٠ هـ/ ١١٥٥ م. وتوفي بحلب عام ٦٢٦ هـ/ ١٢٢٩ م. عالم بالعربية، وله شعر. له عدة مؤلفات. الاعلام ٥/ ١٨٠، فوات الوفيات ٢/ ١٢٨، بغية الوعاة ٣٨٠، إرشاد الأريب ٦/ ١٨٥.
(٣) هو علي بن الحسن بن اسماعيل العبدي، ابو الحسن. ولد بالبصرة عام ٥٢٤ هـ/ ١١٣٠ م. وتوفي فيها عام ٥٩٩ هـ ١٢٠٣ م.
أديب، عروضي، فاضل ثقة. له عدة مصنفات. الاعلام ٤/ ٢٧٤، انباه الرواة ٢/ ٢٤٢، ارشاد الأريب ٥/ ١٤٦.
(٤) الزمر/ ٩.
(٥) الفرقان/ ٤١.
(٦) الإسراء/ ١١٠.
(٧) هو عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن عطية المحاربي الغرناطي، ابو محمد. ولد بغرناطة عام ٤٨١ هـ/ ١٠٨٨ م.
وتوفي بلورقة (الأندلس) عام ٥٤٢ هـ/ ١١٤٨ م. مفسّر، فقيه، عارف بالأحكام والحديث، له شعر ومؤلفات هامة. الاعلام ٣/ ٢٨٢، نفح الطيب ١/ ٥٩٣، قضاة الأندلس ١٠٩، بغية الملتمس ٣٧٦، بغية الوعاة ٢٩٥.