للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ «١» والحقّ إنه لم يثبت ذلك ولا جزم فيه نفيا أو إثباتا، هذا عند من يقول بحشر الأجساد والأرواح. وأما المنكر لحشر الأجساد فيقول المعاد الروحاني عبارة عن مفارقة النفس عن بدنها واتّصالها بالعالم العقلي الذي هو عالم المجرّدات، وسعادتها وشقاوتها هناك بفضائلها النفسية ورذائلها. وفي بعض حواشي شرح هداية الحكمة المعاد الروحاني عبارة عن أحوال النفس في السعادة والشقاوة ويسمّى بالآخرة أيضا.

اعلم أنّ الأقوال الممكنة في مسئلة المعاد لا تزيد على خمسة. الأول ثبوت المعاد الجسماني فقط، وهو قول أكثر المتكلمين النافين للنفس الناطقة. والثاني ثبوت المعاد الروحاني فقط وهو قول الفلاسفة الإلهيين.

والثالث ثبوتهما معا وهو قول كثير من المحقّقين كالحليمي والغزالي والراغب وأبي زيد الدبوسي «٢» ومعمر «٣» من قدماء المعتزلة، وجمهور متأخّري الإمامية وكثير من الصّوفية فإنّهم قالوا الإنسان بالحقيقة هو النفس الناطقة، وهو المكلّف والمطيع والعاصي والمثاب والمعاقب، والنفس تجري منها مجرى الآلة، والنفس باقية بعد فساد البدن. فإذا أراد الله حشر الخلائق خلق لكلّ واحد من الأرواح بدنا يتعلّق به ويتصرّف فيه كما كان في الدنيا وليس هذا تناسخا لكونه عودا إلى أجزاء أصلية للبدن، وإن لم يكن هو البدن الأول بعينه على ما يشعر به قوله تعالى: كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها «٤»، وقوله تعالى: أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى «٥» الآية. وكون أهل الجنة جردا ومردا، وكون ضرس الجهنمي مثل أحد.

والرابع عدم ثبوت شيء منهما وهذا قول القدماء من الفلاسفة الطبعيين. والخامسة التوقّف في هذه الأقسام كما قال جالينوس: لم يتبين لي أنّ النفس هل هي المزاج فينعدم عند الموت فيستحيل إعادتها أو هي جوهر باق بعد فساد البدن فيمكن المعاد كذا في شرح المواقف وتهذيب الكلام.

الحشو:

[في الانكليزية] Pleonasm ،verbiage

[ في الفرنسية] Pleonasme ،verbiage

بالفتح وسكون الشين المعجمة في اللغة بمعنى كلمات في وسط الكلام زائدة، والجمال الصغيرة والناس اللئام كما في كنز اللغات «٦».

وعند النحاة هو الصلة في اللباب القضية التي بها يتمّ الموصول تسمّى صلة وحشوا. وعند أهل العروض والشعراء هو الركن الأوسط من المصراع كما في رسالة قطب الدين السرخسي وعروض سيفي. وعند أهل المعاني هو أن يكون اللفظ زائدا لا لفائدة بحيث يكون الزائد متعينا. فبقيد لا لفائدة خرج الإطناب وبقيد التعيّن خرج التطويل الذي سمّاه صاحب جامع الصنائع بالحشو القبيح، وهو قسمان: لأنّ ذلك الزائد إمّا أن يكون مفسدا للمعنى أو لا يكون.


(١) سبأ/ ٧.
(٢) هو عبد الله بن عمر بن عيسى، أبو زيد. توفي ببخارى عام ٤٣٠ هـ/ ١٠٣٩ م. فقيه باحث. أول من وضع علم الخلاف وأبرزه. له مؤلفات هامة في الأصول والفروع. الاعلام ٤/ ١٠٩، وفيات الاعيان ١/ ٢٥٣، اللباب ١/ ٤١٠، شذرات الذهب ٣/ ٢٤٥، البداية والنهاية ١٢/ ٤٦.
(٣) هو معمر بن عبّاد السلمي. توفي عام ٢١٥ هـ/ ٨٣٠ م. معتزلي من الغلاة، ناظر النّظّام وكان قدريا مغاليا. وإليه تنسب الفرقة المعمرية. الاعلام ٧/ ٢٧٢، خطط المقريزي ٢/ ٣٤٧، لسان الميزان ٦/ ٧١، اللباب ٣/ ١٦١، الملل والنحل ١/ ٨٩.
(٤) النساء/ ٥٦.
(٥) يس/ ٨١.
(٦) در ميان افتاده زائد وشتران خرد ومردم فرومايه كما في كنز اللغات.