للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لعارض. والقيد الأخير احتراز عن المشكل والمجمل والمتشابه كآية السرقة خفيت في حقّ الطّرار والنباش، فإنّ معنى السارق لغة هو آخذ مال الغير على سبيل الخفية، وهو اشتبه في حقّهما لاختصاصهما باسم آخر لأنّ اختلاف الاسم يدلّ على اختلاف المسمّى كما هو الأصل، كذا في التلويح وغيره من كتب الأصول. والروح الخفي ويسمّى بالأخفى أيضا يجيء في لفظ الروح.

الخلاء:

[في الانكليزية] Space ،vacuum

[ في الفرنسية] Espace ،vide

بالفتح والمدّ كما في المنتخب هو عند المتكلمين امتداد موهوم مفروض في الجسم أو في نفسه صالح، لأن يشغله الجسم وينطبق عليه بعده الموهوم ويسمّى أيضا بالمكان والبعد الموهوم والفراغ الموهوم، وحاصله البعد الموهوم الخالي عن الشاغل. وهذا شامل للخلاء الذي لا يتناهى وهو الخلاء خارج العالم، وللخلاء الذي بين الأجسام وهو أن يكون الجسمان بحيث لا يتلاقيان وليس بينهما ما يماسّهما، فيكون ما بينهما بعدا مفروضا موهوما ممتدا في الجهات الثلاث صالحا لأن يشغله جسم ثالث، لكنه الآن خال عن الشاغل.

وإطلاق الخلاء على هذا المعنى أكثر. وقيل الخلاء أخصّ من المكان، فإنّ المكان هو الفراغ المتوهّم مع اعتبار حصول الجسم فيه، والخلاء هو الفراغ الموهوم مع اعتبار أن لا يحصل فيه جسم كما مرّ في لفظ الحيز، وحاصله المكان الخالي عن الشاغل. وعند بعض الحكماء هو البعد المجرّد الموجود في الخارج القائم بنفسه سواء كان مشغولا ببعد جسمي أو لم يكن. قال إذا حلّ البعد الموجود في مادة فجسم تعليمي، وإلّا أي وإن لم يحل في مادة فخلاء أي فبعد موجود مجرّد في نفسه عن المادة سواء كان مشغولا ببعد جسمي يملأه أو غير مشغول به، فإنّه في نفسه خلاء ويسمّى بعدا مفطورا وفراغا مفطورا ومكانا أيضا، هكذا في شرح المواقف في آخر مبحث المكان وأوسطه، وهكذا في حواشي الخيالي. فالخلاء بهذا المعنى جوهر فإنّهم قد صرّحوا بجوهرية البعد المجرّد حتى قالوا أقسام الجوهر ستة لا خمسة هكذا ذكر السّيد ويجيء في لفظ المكان أيضا في حاشية شرح حكمة العين. قال ملّا فخر «١» في حاشية شرح هداية الحكمة «٢» وإن شئت تعريف الخلاء الشامل للمذهبين فقل الخلاء هو البعد المجرّد عن المادة سواء كان بعدا موهوما أي مكانا خاليا عن الشاغل كما هو رأي المتكلمين أو بعدا موجودا في الخارج كما هو رأي بعض الحكماء وهم المشائيّون انتهى.

اعلم أنّ الخلاء جوّزه المتكلمون ومنعه الحكماء القائلون بأنّ المكان هو السطح. وأمّا القائلون بأنه البعد المجرّد الموجود فهم أيضا يمنعون الخلاء بمعنى البعد المفروض فيما بين الأجسام، لكنهم اختلفوا. فمنهم من لم يجوّز خلوّ البعد الموجود «٣» من جسم شاغل له فيكون


(١) هو الفخر الرازي على الأرجح، محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري، المتوفى (٦٠٦ هـ ١٢١٠ م). وقد وردت ترجمته لكن اسم الكتاب كما سيلي مباشرة يبيّن أن ملّا فخر ربما كان لخفر شاه بن عبد اللطيف المنتشوي (- ٨٥٣ هـ) وقد وقع تصحيف بين فخر وخفر.
(٢) هداية الحكمة: للشيخ أثير الدين مفضل بن عمر الأبهري (- ٦٦٣ هـ). وصنف مولانا زاده (ملا زاده) أحمد الهروي الخزرباني (- في القرن التاسع للهجرة). عليها شرحا. وعلى هذا الشرح حاشية لمصطفى بن يوسف المعروف بخواجةزاده (- ٨٩٣ هـ).
وللمولى موسى ابن محمود المعروف بقاضي زاده الرومي (- ٩٨٨ هـ) حاشية على شرح مولانا زاده. وللشيخ محمد بن محمود المغلوي الوفائي (- ٩٤٠ هـ) حاشية على شرح ملا زاده تذنيبا وتكميلا لحاشية خواجه زاده. وعلى شرح ملا زاده لخضر شاه بن عبد اللطيف المنتشوي (- ٨٥٣ هـ). كشف الظنون، ٢/ ٢٠٢٨ - ٢٠٣٠. معجم المؤلفين، ٢/ ١٧١.
(٣) عن (م).