للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اكتساب العلوم النافعة. والحكمة هي معرفة الحقائق على ما هي عليه بقدر الاستطاعة وهي العلم النافع المعبّر عنه بمعرفة النفس ما لها وما عليها المشار إليه بقوله تعالى: وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً «١» هكذا في التلويح. وقد عرفت في لفظ الحكمة أنّ الحكمة بهذا المعنى ليست من أقسام علم الحكمة والظنّ بأنها من أنواعه باطل.

ومن اعتدال القوة الشهوانية تحدث العفة وهي هيئة للقوة الشهوية متوسطة بين الفجور والخلاعة الذي هو إفراطها، وهو الوقوع في ازدياد اللذات على ما يجب، وبين الخمود الذي هو تفريطها، وهو السكوت «٢»، عن طلب اللذات بقدر ما رخّص فيه العقل والشرع. ففي العفة تصير الشهوانية منقادة للناطقة.

ومن اعتدال الغضبية تحدث الشجاعة وهي هيئة للقوة الغضبية متوسطة بين التهوّر الذي هو إفراطها وهو الإقدام على ما لا ينبغي وبين الجبن أي الحرز عما ينبغي «٣»، الذي هو تفريطها. ففي الشجاعة تصير السبعية منقادة للناطقة ليكون إقدامها على حسب الدراية من غير اضطراب في الأمور الهائلة حتى يكون فعلها جميلا وصبرها محمودا. وإذا امتزجت الفضائل الثلاث حصلت من اجتماعها حالة متشابهة هي العدالة. فبهذا الاعتبار عبّر عن العدالة بالوساطة وإليه أشير بقوله عليه السلام:

«خير الأمور أوساطها» «٤». والحكمة في النفس البهيمية بقاء البدن الذي هو مركّب النفس الناطقة لتصل بذلك إلى كمالها اللائق بها ومقصدها المتوجّه إليه، وفي السبعية كسر البهيمية وقهرها ودفع الفساد المتوقّع من استيلائها، واشتراط التوسط في أفعالها كيلا تستبعد الناطقة في هوائها وتصرفاتها عن كمالها ومقصدها. وقد مثل ذلك بفارس استردف سبعا وبهيمة للاصطياد فإن انقاد السبع والبهيمة «٥» للفارس واستعملهما على ما ينبغي حصل مقصود الكل بوصول الفارس إلى الصيد والسبع إلى الطعم والبهيمة إلى العلف وإلّا هلك الكل.

وأمّا أنّ هذه النفوس الثلاثة نفوس متعددة أم نفس واحدة مختلفة بالاعتبارات أم قوى وكيفيات للنفس الإنسانية فمختلف فيها، هكذا يستفاد من شرح المواقف والتلويح.

الخلق:

[في الانكليزية] Creation ،creatures

[ في الفرنسية] Creation ،creatures

بالفتح وسكون اللام وبالفارسية: آفريدن، مصدر، والمخلوقات. وفي اصطلاح السالكين. هو عالم المادّة والوجود والزمان. مثل الأفلاك والعناصر والمواليد الثّلاثة أي الجمادات والنباتات والحيوانات، وهي تسمّى عالم الشّهادة وعالم الملك وعالم الخلق. والخلق الجديد في اصطلاح الصّوفية عبارة عن اتّصال إمداد الوجود في الممكنات من نفس الحقّ. كذا في لطائف اللغات «٦».


(١) البقرة/ ٢٦٩.
(٢) السكون (م، ع).
(٣) عما لا ينبغي (م).
(٤) السنن الكبرى للبيهقي، ٣/ ٢٧٣، إتحاف السادة المتقين ٦: ٧٤٦/ ٧، ٣٣٦ - ٤٢٢ ٨/ ١٣، الأحكام النبوية في الصناعة الطبية للكحال ١/ ١٥٩، الشفاء للقاضي عياض ١/ ١٧٥، تفسير القرطبي ٢/ ١٥٤، ٥/ ٣٤٣، ٦/ ٢٧٦، مناهل الصف ١٢، تذكرة الموضوعات للفتني ١٨٩، الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة للسيوطي ٨١.
(٥) البهيمية (م).
(٦) آفريدن وآفرينش وآفريده شدگان. ودر اصطلاح سالكان عالميست كه موجود به ماده ومدت باشد مثل افلاك وعناصر ومواليد ثلاثة يعنى جمادات ونباتات وحيوانات كه اين را عالم شهادت وعالم ملك وعالم خلق نامند. وخلق جديد در اصطلاح صوفيه عبارتست از اتصال امداد وجود از نفس حق در ممكنات كذا في لطائف اللغات.