٣٧٧ - وبهذا الإسناد قال محمد بن إسحاق: وكانت خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي امرأة تاجرةً ذات شرف ومال، ⦗٣٩٧⦘ تستتجر الرجال في مالها، تضاربهم إياه بشيء تجعله لهم منه، وكانت قريش قوماً تجاراً، فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه وعقله وأمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشام تاجراً، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار مع غلام لها يقال له: ميسرة. فقبله منها رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج في مالها ذلك وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان، فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال: من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟ فقال له ميسرة: هذا رجل من قريش من أهل الحرم! فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي. فقال: ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها واشترى ما أراد، ثم أقبل قافلاً إلى مكة معه ميسرة، وكان ميسرة -فيما يزعمون- إذا كانت الهاجرة واشتد الحر، يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو يسير على بعيره. فلما قدم مكة على خديجة بمالها، باعت ما جاء به بأضعف أو قريباً من ذلك! وحدثها ميسرة عن قول الراهب وعما كان يرى من إظلال الملكين إياه! وكانت خديجة امرأة حازمة لبيبة شريفة، مع ما أراد الله بها من كرامته، فلما أخبرها ميسرة بما أخبرها به، بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له فيما يذكرون: يا بن عم إني قد رغبت فيك لقرابتك، ووسطتك في قومك، وأمانتك، وحسن خلقك، وصدق حديثك. ثم عرضت نفسها عليه! وكانت خديجة يومئذ أوسط قريش وأعظمهم نسباً، وأكثرهم مالاً، كل قومها كان حريصاً على ذلك منها لو يقدر عليها. ⦗٣٩٨⦘ فلما قالت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك لأعمامه، فخرج معه حمزة بن عبد المطلب حتى دخلوا على خويلد بن أسد فخطبها فتزوجها.