وإذا علمتَ بما ذكرنا انقسامَ الوصف باعتبار تضمنه المصلحة وعدمها إلى مناسب، وطرديٍّ، وشبهيٍّ، فاعلم أن الوصف المناسب الذي هو المقصود بالكلام ينقسم إلى ثلاثة أقسام: واحد منها صادق بصورتين. فيصير مجموع الصور أربعًا.
وإيضاحُ ذلك: أن المصلحة التي تضمَّنها الوصفُ فصار مناسبًا بسبب تضمنه لها تنقسم إلى ثلاث حالات لا رابعة لها.
الأول: أن يدل دليل خاص من الشرع على اعتبار تلك المصلحة وعدم إهدارها، كالإسكار بالنسبة إلى تحريم الخمر، والصغر بالنسبة إلى الولاية على المال.
الثانية: أن يدل دليل خاص على إهدارها وعدم اعتبارها، كما لو ظاهَرَ الملكُ من امرأته، فمصلحة الزجر والردع في تخصيص تكفيره بالصوم؛ لأن الصوم هو الذي يردعه عن العود إلى مثل ذلك، أما الإعتاق والإطعام فهو أسهل شيء على الملوك؛ لأنهم لا يبالون به لِخِفَّته عليهم، ولكن الشرع الكريم ألغى هذه المصلحة وأهدرها، كما قال تعالى:{ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}[المجادلة / ٣].
واعلم أن الشرع الكريم لا يُلْغي اعتبارَ مصلحةٍ ويحكم بإهدارها إلا لتحصيل مصلحة أخرى أهم في نظر الشرع منها؛ لأن عتق الرقبة وإخراجها من الرِّق أهم في نظر الشرع من التضييق على المَلِكِ بالصوم لينزجر بالتكفير بذلك.
الثالثة: هي أن لا يدل دليل خاص على اعتبار مناسبة ذلك