للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: لا وَاللَّهِ لا أَفْعَلُ حَتَّى تَتْرُكُوا أَفْرَاسَكُمْ، وَيُغْلَبَ مِجَادُكُمْ، فَتَرَكُوا أَفْرَاسَهُمْ، وَأَرْشَ أَنْفِ صَاحِبِهِمْ، وَقَالُوا: أَبْعَدَهَا اللَّهُ فَإِنَّمَا هِيَ مَقَارِيفُ، فَعَمِدَ حَاتِمٌ إِلَيْهَا، فَعَقَرَهَا، وَأَطْعَمَهَا النَّاسَ، وَسَقَاهُمُ الْخَمْرَ، فَقَالَ حَاتِمُ يُخَاطِبُ أَوْسَ بْنِ حَارِثَةَ:

هَا إِنَّمَا مُطِرَتْ سَمَاؤُكُمُ دَمًا ... وَرَفَعْتَ رَأْسَكَ مَثْلَ رَأْسِ الأَصْيَدِ

لِيَكُونَ جِيرَانِي أُكَالا بَيْنَكُمْ ... بُخْلا لِكِنْدِيٍّ وَسَبِيٍّ مَرْثَدِ

وَابْنُ النُّجُودِ إِذَا غَدا مُتَبَاطِنًا ... دَخَنَ الْقُدُورِ وَذِي الْعِجَانِ الأَرْبَدِ

وَلِثَابِتٍ عَينَي حِرٍ مُتَمَاوِتٍ ... وَالْمعْطُ أَوْسٌ إِذْ عَرَا الْمقلدِ

بَلِّغْ بَنِي لأْمٍ بَأَنَّ جِيَادَهُمْ ... عَقْرَى وَأَنَّ مِجَادَهُمْ لَمْ يَرْشُدِ

أَبْلِغْ بَنِي ثُعَلٍ بَأَنِّيَ لَمْ أَكُنْ ... أَبَدًا لأَفْعَلَهَا طِوَالَ الْمُسْنَدِ

لَأَجِيئَهُمْ فَلًّا وَأَتْرُكَ صُحْبَتِي ... نَهْبًا وَلَمْ تَعْدُ بِقَائِمَةِ يَدِي

كِنْدِيُّ بْنُ حَارِثَةَ بْنُ لَأْمٍ، وَمَرْثَدُ بْنُ أَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ لأْمٍ.

ابْنُ النُّجُودِ: الأَفْوَهُ بْنُ حَارِثَةَ بْنِ لأْمٍ، وَالنُّجُودُ بِنْتُ ثُوْرٍ مِنْ بَنِي رِيفِ بْنِ مَالِكِ، وَالْعَجَّانُ: سَعْدُ بْنُ حَارِثَةَ بْنِ لأْمٍ "

حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحْرِزِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ الْوَلِيدُ جَدُّهُ وَهُوَ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، سَمِعْتُ مُحْرِزَ بْنَ أَبِي هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو الْخَيْبَرِيِّ، مَرَّ مُسَافِرًا وَنَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ بِقَبْرِ حَاتِمٍ، بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ: تَبْعَةُ، حَوْلَهُ أَنْصَابٌ نَوَائِحُ مِنْ حِجَارَةٍ كَأَنَّهُنَّ نِسَاءٌ، فَنَزَلُوا بِهِ، فَبَاتَ أَبُو الْخَيْبَرِيِّ لَيْلَتَهُ كُلَّهَا يُنَادِيهِ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَبَا جَعْرٍ أَقْرِ أَضْيَافَكَ، أَبَا جَعْرٍ أَقْرِ أَضْيَافَكِ.

اسْتَهْزَاءً بِهِ وَسُخْرِيَةً.

قَالَ: فَيُنَادَى فِي سَوَادِ اللَّيْلِ: مَهْلا مَا تُكَلِّمُ مِنْ رِمَّةٍ بَالِيَةٍ! وَالرِّمَّةُ: الْعَظْمُ الْبَالِي، وَجَمْعُهَا: رِمَمٌ.

فَيُجِيبُ الْمُنَادِي ردًّا عَلَيْهِ فَيَقُولُ: إِنَّ طَيْئًا تَزْعُمُ أَنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ بِهِ أَحَدٌ إِلا قَرَاهُ، فَأُجِيبَ: ارْقُدْ فَإِنَّهُ سَوْفَ يَقْرِيكَ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَامَ أَبُو الْخَيْبَرِيِّ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي السَّحَرِ هَبَّ فَزِعًا وَهُوَ يَصْرُخُ بِأُعْلَى صَوْتِهِ: رَاحِلَتَاهُ، رَاحِلَتَاهُ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: وَيْلَكَ، مَا دَهَاكَ؟ قَالَ: خَرَجَ وَاللَّهِ حَاتُمٌ مِنْ قَبْرِهِ بِالسَّيِفِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ حَتَّى عَقَرَ نَاقَتِي.

قَالُوا: كَذَبْتَ وَاللَّهِ لا يَخْرُجُ مَيِّتٌ مِنْ بَطْنِ قَبْرٍ مَرْسُوْسٍ عَلَيْهِ.

قَالَ: بَلَى، وَاللَّهِ لَقَدْ فَعَلَ.

<<  <   >  >>